عصفورٌ وسلحفاةٌ... لينا عبود

عصفورٌ وسلحفاةٌ... لينا عبود

رسوم: أحمد الخطيب

طار العصفورُ من على غصن الشجرة وحطّ على الأرض قربَ الصخرة، وركنت السلحفاة إلى ظِلِّ الصخرة.

نظر العصفورُ إلى السلحفاةِ، أشفقَ لحالها وقال في نفسه: «يا لها من مسكينةٍ تغطي التجاعيدُ جسمَها وتحمل هذا الحملَ الثقيلَ على ظهرها لا بد أنها تعيسة»!

نظرت السلحفاةُ إلى العصفور وقالت بتهكم (سخرية): «يا له من خفيف! لا بد أن الرياح تتلاعب به عند هبوبها فترنحه يمينًا ويسارًا..».

نقر العصفورُ الأرضَ بضعَ نقرات بحثًا عن قوته ثم ارتشف المياه من نقعة المياه الراكدة.

رفعت السلحفاةُ رأسَها وفكّرت: لا عجب أن ساقيَ هذا العصفور نحيلتان لهذه الدرجة، فالمسكين يقتات بحبيبات صغيرة لا تسمن ولا تغني من جوع! ثم اقتربت ببطء شديد من بقعة تغطيها الأعشابُ وراحت تمضغ الأعشاب الطرية.

نظر العصفورُ إلى السلحفاة وفكر: المسكينة ليس لديها أسنانٌ ولا منقارٌ قويٌّ جميل مثل منقاري وهي تأخذ وقتًا طويلاً في مضغ ما يتيسر لها من طعام عن الأرض ولا يمكنها الوصول إلى الفاكهة الطازجة من على أغصان الأشجار.

ثم طار العصفورُ بعيدًا.

شاهدت السلحفاةُ صيادًا قادمًا يوجه بندقيته للأعلى.. أشفقت لحال العصفور وقالت:

«المسكين المسكين

يمضي حياته في لعبة الكر والفر

مع الصيادين

ولا يعيش مثلي حياة الآمنين

فأنا حينما يباغتني عدوي

على حين غرة

أدخل بيتي وأصبح مجرد صخرة»!

ثم أدخلت السلحفاة رأسها وأطرافها إلى بيتها.

طار العصفورُ وحطّ على أعلى غصن في الشجرة. نفش ريشه تحت أشعة الشمس الذهيبة، نظر إلى السلحفاة، رثى لحالها وقال:

«يا للهول يا لها من حياة!

ملتصقة بالأرض كأنها صخرة

كم من الصبر وطول الأناة

يلزم المخلوق ليعيش كأنه حجرة!

من دون الحرية لا معنى للحياة

أين حريتها وسجنها على ظهرها عثرة»؟!

ثم طار للأعلى ثانية.. رآه الصياد.. صوّب البندقية نحوه.. أطلق عيارًا ناريًا.. سقط العصفور على الأرض!

ركض كلب الصيد ليحضر العصفور.. تعثر بالسلحفاة فانقلبت على ظهرها لا حول لها ولا قوة!

 


 

لينا عبود