الإسلام حضارة.. هيثم صبري

الإسلام حضارة.. هيثم صبري

فن الدفاع عن النفس

الإسلام دين السلام والتسامح والتواصل بين كل البشر، لذلك لم يأمر الله عز وجل نبيه محمدًا، صلى الله عليه وسلم، بالجهاد إلا لدفع الظلم والدفاع عن النفس.

وقد كانت صحراء شبه الجزيرة العربية مسرحًا مهمًا للعديد من الحروب والغزوات، سواء قبل الإسلام أم بعد دخول العرب في الدين الإسلامي. فكانت الحرب تقع في الصحراء ذات الجبال الصلبة، والهضاب والأخاديد والأودية القاحلة (التي تقل فيها ينابيع المياه).

وسط تلك البيئة القاسية تعلم المسلمون فنون الدفاع عن النفس، وأضافوا الكثير إلى هذه الفنون، بعد أن نزلت آيات قرآنية عديدة تحثهم، ومن ذلك ما جاء في سورة الأنفال: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون .

كما نزلت آيات عديدة توضح أساليب القتال في صفوف واحدة، فكان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرسل جنوداً لمتابعة سير القوافل التجارية، والتعرف على أحوال الأعداء، بشكل يشبه فرق الاستطلاع، ثم أخذ عليه الصلاة والسلام وأتباعه بنظام الصفوف، بعد أن كان القتال مقصوراً على الكر والفر، لقـوله تعالى: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص .

عروض عسكرية

كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يستعرض بنفسه جيشه قبل سيره إلى المعركة، حيث يثبتهم ويلقي في نفوسهم الطمأنينة ويشعرهم بكثرة عددهم وأسلحتهم حتى ولو كانوا قلة، حيث بلغ عددهم آنذاك 40 جندياً فقط، ثم ازدادوا في معركة بدر ووصلوا إلى 313 رجلاً من المهاجرين والأنصار، إلى أن وصل عددهم إلى سبعمائة مقاتل في غزوة أحد، وفي آخر غزوات صدر الإسلام بلغ عدد جنود المسلمين ثلاثين ألفًا منهم عشرة آلاف فارس، وعادت تلك الحملة دون قتال.

أما في عهد الخلفاء الراشدين فقد تكاثر عدد جنود المسلمين بشدة، وأصبحوا يرتبون صفوفهم حسب الأسلحة التي يحملها الجنود. وبدأ الخليفة الأول أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، وقادته في محاربة المرتدين عن دين الإسلام في أنحاء الجزيرة العربية، إذ أرسل إحدى عشرة حملة، وكانت تلك هي المرحلة الثانية من الجهاد في سبيل الله. وفي عهد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أصبح من المستحيل الإنفاق على الجنود دون تدوين رواتبهم، فأنشأ ما يسمى بالديوان لتنظيم تسلم الدخل وتوزيعه.

كمائن

وفي العصر الأموى ازدادت رقعة الإسلام، فكان لابد من وجود جيش هائل يحميها، فبلغ عدد الجنود آنذاك 175 ألفاً من المحاربين. كما استفاد بنو أمية من البيزنطيين والبربر في حروبهم، فأجادوا نصب الكمائن لأعدائهم، وأول من أتقنها خالد بن الوليد في معركة الولجة بالعراق، ثم استخدمها عمرو بن العاص في معركة عين شمس بمصر، حين خدع الروم بأن خبأ لهم كمينًا في جبل المقطم، وآخر إلى يسارهم عند قرية أم دنين، فلما بدأت المعركة انقض كمين الجبل على ميمنة الروم، فاتجهوا إلى اليسار، فواجههم كمين الميسرة، وتمت محاصرتهم وهزيمتهم على يد قوات العرب الثلاث.

 


 

هيثم صبري