لا تعدّ القرود.. عبير سلامة

لا تعدّ القرود.. عبير سلامة

قصة
رسوم: نجيب فرح

كان علي ولدًا طيبًا، لكنه بطيء الحركة، يميل يمينًا ويسارًا عندما يمشي، ويتأخرُ في الجري مع أولاد الجيرانِ، فيرفضون دائمًا أن يلعبَ معهم، ويتركونه وراءهم. يعودُ علي وحيدًا إلى منزله. يقول لنفسه إنه يعيش في أجمل منزلٍ بالشارع. يمتلك دراجةً وطائرةً ورقيةً وكرةً. لديه فراشٌ مريح في غرفته الخاصة وقططٌ صغيرة على ورق الحائط.

يعدّ عليّ القطط كل ليلة قبل النوم...قطة ـ نيا ـ يشد عليّ الغطاء ـ قطتان ـ نيا.. نيا ـ يغمض عليّ جفونه ـ ثلاث قطط ـ نيا.. نيا.. نياااااام. وينام.

كان عليّ يحب القططَ، لكنه تمنى دائمًا أن يكون لديه دبٌ قطني يحتضنه قبل النوم بدلا من أن يعدّ القططَ. وفي يوم من الأيام غيرت أم عليّ ورقَ الحائط، فأصبحت لدى عليّ حديقةُ حيوانات. جاء موعد النوم، وجلس عليّ حائرًا، لا توجد قططٌ يعدها، بعد قليلٍ استلقى على فراشه وقرر أن يعدّ حيوانات الحديقة..

ذئب ـ أووووو ـ سمع عليّ ثغاءَ غنمٍ، نهيقَ حمارٍ، خوارَ عجلٍ، نُباحَ كلبٍ، وزمجرةَ ضبعٍ، خاف عليّ وغطى وجهه حتى هدأت الأصواتُ.

فجأة سمع نحيبًا خافتًا، كشف وجهه ونظر، رأى عليّ دبًا صغيرًا يمشي في الغرفة وهو يميل يميًنا ويسارًا. قفز عليّ من فراشه مندهشًا واقترب من الدب، فرأى الدموعَ في عينيه..:

لا أحد ينتظرني، في كل مرة يجرون ويتركونني وراءهم، ليس لدي صديق ينتظرني.

ابتسم عليّ، وقال له: سأكون أنا صديقك.

حمل عليّ الدبَ إلى فراشه، وكان سعيدًا لأن أمنيته تحققت، لكنه لم يستطع النومَ، والدب أيضا لم يستطع النوم، فنظرا معًا إلى الحائط وأخذا يعدان الحيوانات.. قرد ـ إهييئ ـ قردان ـ إهيييء.. إهيييء ـ ثلاثة قرود ـ إهيييء.. إهيييء.. إهيييء ـ تعالت قهقهة القرود وبدأت تقفز بين الأشجار وترمي الموز.

سمع عليّ والدبُ زئيرَ أسدٍ، فأخذت الحيواناتُ تجري في كل اتجاه، وانتشر الغبارُ في الغرفة. هدأت القرودُ بعد قليل، وعادت الحيوانات. قال عليّ: هل نعدّ من جديد؟

قال الدبُ: نعم، لكن لا تعد القرودَ، إنها تزعج الآخرين، لماذا لا نعدّ القطط؟ قال عليّ: لكن لا توجد قططٌ على الحائط. قال الدب: دعنا نتخيل أنها موجودة. أغمض عليّ والدب عيونهما، وأخذا يعدان.. قطة ـ نيا .. قطتان .. نيا.. نيا .. ثلاث قطط ..نيا..نيا.. نياااااام. نام عليّ والدب.

 


 

عبير سلامة