الملح... الأبيض الضروري

لا يخلو مكان على الأرض من وجود الملح ولكن هذه الحقيقة لم تعرف إلا حديثًا بواسطة علماء الجيولوجيا، لذا يذكر في التاريخ القديم عن جهود البحث عن الملح للاتجار فيه بل وقوع حروب بسبب الملح. ويحتوي جسم الإنسان على 250 جرامًا من الملح وهو يفقده باستمرار لذا يحتاج إلى تعويضه حفاظًا على سلامة الجسم.

• ما الملح؟

نحن نعرف - يا أصدقائي - أننا نستخدم الملح يوميًا في طعامنا والاسم الكيميائي للملح هو كلوريد الصوديوم، ويتكون من ذرة من الصوديوم وذرة كلور، وهو يدخل في تركيب الدم والدموع والعرق ومنذ ملايين السنين حدث بخر لمياه بعض الخلجان والبحيرات المالحة فتكونت رواسب ملحية هائلة في باطن الأرض أصبحت مصدرًا أساسيًا للحصول على ملح الطعام، ومنها الرواسب الملحية الموجودة في كنساس وأكلاهوما وتكساس بأمريكا، وتوجد أيضًا رواسب على جوانب جبال الأورال بروسيا وفي ستاسفورن بألمانيا وفي تشرشير بإنجلترا وقدر العلماء عمر هذه الرواسب بحوالي 150 - 200 مليون عام، ولا يستخدم الملح في طهو العام فقط، ولكنه يستخدم في حفظ الأطعمة خاصة الأسماك واللحوم وبعض الصناعات الغذائية، ويستخدم أيضاً في دباغة الجلود وتنظيف النفايات وفي لحام الأنابيب وتلميع الأواني الفخارية، وقديمًا استخدم دواء لعلاج الأسنان واضطرابات المعدة وثقل الرأس.

• الملح قديمًا

عند الآشوريين كان الملح أداة أساسية للتجارة، وفي بعض الممالك القديمة في الصين وفرنسا كان الملح يعتبر ثروة مهمة تفرض عليه ضرائب لتمويل الحروب، وكانت مرتبات الجند تدفع ملحًا، وفي الكثير من مناطق العالم استخدم الملح بديلاً للنقود وسادت الكثير من المعتقدات حول الملح، فقد اعتقد اليابانيون أن الأرواح الشريرة تكره الملح، لذا يرش الملح على عتبات المنازل الجديدة قبل السكن فيها، وساد المعتقد نفسه عند الكثير من الشعوب الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية وفي بعض المناطق بإنجلترا وألمانيا يربط الناس بين الملح والحياة المديدة، وفي بعض المناطق الأوربية كانت جلود الأطفال حديثي الولادة تُدعك بالملح اعتقادًا أن ذلك يمنحهم حياة أطول، وفي البلاد العربية يعتقد أن الملح يقي من العين الشريرة أو الحسد، لذا ينثر الملح على العروسين في الأفراح وعلى الأطفال حديثي الولادة.

• طرق الحصول على الملح

يستخلص الملح صناعيًا من مياه البحار عن طريق التبخير في البلاد الدافئة، حيث يوضع ماء البحر في أحواض كبيرة بعمق متر فتترسب الشوائب مثل الرمل والطين والكائنات الدقيقة ثم يمر الماء بعد ذلك عبر سلسلة من الأحواض ويترك ليتبخر الماء ويترسب الملح الذي يجمع ويجفف وينقى من الشوائب، ثم يكرر ليصبح ناصع البياض صالحًا للاستخدام، أما في المناطق الباردة فيستخلص الملح بتجميد مياه البحار، ولأن الثلج الناتج من التجميد لا يتحد مع جزيئات الملح، فإن جزيئات الملح تبقى في الماء غير المجمد، ويزال الثلج باستمرار أثناء عملية التبريد حتى لا يبقى إلا قليل من الماء مشبعًا بالملح، فيتم غليه فيتبخر ويبقى الملح. وجرام الملح يحتوي على 95% كلوريد صوديوم أما الـ5% الأخرى فتحتوي على العديد من المعادن مثل اليود والكالسيوم والماغنيسيوم والمنجنيز وهي عناصر ضرورية لجسم الإنسان.