حكايةُ الأرنبِ

حكايةُ الأرنبِ

رسم: صفاء نبعة

تمطى الأرنبُ في جحرِه الدافئ، وضرب على بطنِهِ قائلاً: إنه يومٌ جميلٌ للبحثِ عن طعامٍ. تقافزَ بنشاطٍ وحيويةٍ، تاركًا لأنفِهِ مهمةَ تحديد جهة الوجبةِ الشهيةِ التي يحلمُ بالتهامِها.

كان أنفُ الأرنبِ مصممًا على إيجاد ما يحب صاحبُه، بالرغم مما صادفه من أنواعٍ شتى من الأعشابِ وأشياء أخرى شهية. تاهَ الأرنبُ في إحدى الشعاب الكثيفةِ، لكنه توقفَ فجأةً لتلقيِهِ إنذارًا من أنفه المندس في الترابِ.

همسَ الأنفُ منفعلاً: هناك رائحة عدو!!! ذُعر الأرنبُ كثيرًا لكنه انقطع عن الحركةِ تاركًا لسمعِهِ تحديد جهة الخطرِ. وما هي إلا لحظات حتى عرف مصدر الخطرِ الذي كان مزدوجًا هذه المرة.

تسمّر الأرنبُ مكانَه غير قادر على التفكيرِ، وهو يهلوسُ قائلاً: إلهي ارحمني!! نمرٌ وصيادٌ دفعةً واحدةً!!

عليّ إيجاد مخرج ما!! لن أستسلم... ماذا أفعل؟! هيا يا أرنوب استخدم ذكاءك بسرعة.

راح يدعكُ رأسَه بحركاتٍ عشوائيةٍ قائلاً: هيا، جاء دورك يا دماغي لتسعفني بحلول ذكية...

فكّر الأرنبُ بحلولٍ شتى: ارجع من حيث أتيت!!زز أم أكمل طريقي؟! أم م م م م م م ماذا؟!

سأجدُ حفرةً أختبئ فيها! لا. قد لا أجدها... (سمع أصواتًا بعيدةً فانقطع عن الحركةِ وتسارعت دقاتُ قلبه الصغير، لكنه حاول التماسك لينقذَ حياتَه، فشرع بحفرِ حفرةٍ خلفَ شجيرة صغيرة).

وما هي إلا لحظات، حتى أنجزَ العمل: وللتمويهِ قامَ الأرنبُ بجلبِ أوراق وأعشاب من هنا وهناك لتغطية آثار الحفرةِ.

دخلَ الأرنبُ خندقَه الحصينَ، هكذا كان إحساسُه في تلك اللحظة، وترك لحواسِهِ رصد تحركات الأعداء المتربّصين.

وصل إلى سمعِهِ صوتُ أقدامٍ بشريةٍ قريبةٍ، فانكمشَ بجسدِهِ المرتجف محدثًا نفسَه: إنه الخطر... رب اجعله يبتعد عني... اقترب الصوتُ أكثر فأكثر، وكاد الصيادُ يدوسُ على حفرةِ الأرنبِ، في هذه اللحظةِ بالذات، دوى صوتُ النسر الغاضب، فابتعدت أصواتُ الأقدامِ البشريةِ المنسحبةِ، وتبعها صوتُ النمرِ المبتعدِ.

حلّ السكونُ في الأرجاءِ، فاطمأن الأرنبُ مستعجلاً الخروج من مخبئِهِ.

تلفّتَ من حولِهِ بحذرٍ، لكن نشوة الانتصارِ بدأت ترتسمُ وتكبرُ على وجه الأرنبِ، الذي لم يستطع منع أرجلَه من قفزاتِ الفرحِ المتتاليةِ، ثم سكنَ، شاردًا في الأفقِ قائلاً: عندما يتخاصمُ الكبارٌ، هناك فرصةٌ للصغارِ بالنجاةِ...!!

 

 


 

سلمان صيموعة