إمبراطور بأذنيّ «تيس» حكاية شعبية من كرواتيا

إمبراطور بأذنيّ «تيس» حكاية شعبية من كرواتيا

إعداد: أنَّا دوليك - بونجراسيك
ترجمة: ابتهال سالم
رسم: حلمي التوني

يُحكى أنّ... كان هناكَ إمبراطور بأذني تيس، وكان يخفيهما بعنايةٍ تحت شعرِه الطويلِ، ولكن في كل صباحٍ كان يأتيهِ حلاقٌ ليمشّط له شعره ويسوّي ذقنَه.

وفي كل صباح... يتأمّل الإمبراطور نفسَه في المرآة، ويقول للحلاقِ:

- لقد أحسنتَ تصفيف شعري، لكن قُل لي.. ألم تلاحظ شيئًا غريبًا!

ويردُّ الحلاقُ:

- نعم يا سيدي، لاحظتُ بالتأكيد، أن لديك أذنيّ تيس.

يشحبُ وجهُ الإمبراطورِ، ويصرخُ غاضبًا:

- فليلق هذا الوقحُ في السجنِ، ولتبحثوا لي غدًا عن حلاقٍ غيره!

- لكن... غالبًا... لم يعد هناك حلاقون، فقد ألقوا بهم جميعًا في السجنِ، ولم يتبقّ إلا شابٌ ماهرٌ اسمه «جان».

أسرع «جان» ليمشّط شعرَ الإمبراطورِ، ولكنه لاحظ في الحالِ أن لديه أذنيّ تيس.

قال لنفسِهِ:

- الآن.. فهمت لماذا جميع الحلاقين في السجنِ!

ولما سألهُ الإمبراطور إن كان قد لاحظ شيئًا غريبًا، اندفعَ «جان» يقول:

- لا شيء يا سيدي، لم ألاحظ أي شيء.

فرح الإمبراطور كثيرًا، لدرجة أنه كافأه باثني عشرَ كيسًا من الذهبِ، وأطلق عليه لقبَ الحلاقِ الإمبراطوري.

لكن... بمرورِ الوقت، أحسّ «جان» بأنه بائسٌ، وأكثر بؤسًا من ذي قبل، فلو أنه كان بإمكانِه أن يبوحَ بالسرِّ الذي يحمله في صدره لأحد لارتاح، لكنه لم يكن يجرؤ على البوحِ، إذ كان مرعوبًا أن يلقى به في السجنِ.

وفي يومٍ ما... جاءته فكرةٌ.

خرج من البلدةِ، حفر حفرةً في الأرضِ وصرخ فيها:

- «الإمبراطورُ لديه أذنا تيس».

«الإمبراطور لديه أذنا تيس».

ثم ردمَ الترابَ على الحفرةِ ورحلِ مرتاحًا وقد تخفّفَ من عبءِ السرِ.

وفي الربيعِ التالي.. أزاحت الأشجارُ البريةُ الترابَ عن الحفرةِ.

وحدثَ أن مرّ راعي غنم على هذا المكانِ وقطع فرعًا من تلك الأشجارِ وصنعَ لنفسِهِ مزمارًا، وفور أن نفخَ في مزمارِه، سمعَ أغنيةً:

- «الإمبراطور لديه أذنا تيس»

«الإمبراطور لديه أذنا تيس»

طارت الأغنيةُ عبر الحقولِ لتصل إلى قصرِ الإمبراطور الذي سمعها بنفسِهِ وتوجه بغضبِهِ خلفَ الأغنية التي قادته إلى راعي الغنمِ، فزعَ الراعي وفسّر للإمبراطور ما حدث، فقال:

- إنها ليست غلطتي يا سيدي، أنا لم أفعلْ شيئًا غير العزف على مزماري الذي صنعتَه من فرعِ شجرةٍ بريةٍ.

أمر الإمبراطور بصنع مزمار له من فرعٍ آخر من تلك الأشجارِ، وحين نفخَ فيه سمعَ أغنيةً:

«الإمبراطور لديه أذنا تيس»

«الإمبراطور لديه أذنا تيس»

تقدم الشابُّ «جان»، وقفَ أمام الإمبراطورِ وفي شجاعةٍ قالَ:

- إنه خطئي يامولاي.

وحكى «جان» الحكايةَ من أولها لآخرها.

سكتَ الإمبراطور طويلاً، ثم قال:

- لن أعاقبك وسوف أعفو عن كلِّ الحلاقين في السجنِ.

ثم هزّ رأسَه، قال وهو يتنهّد في حزنٍ:

- إنها الحقيقة.. للأسف... لن يمكنني الاحتفاظ بسرّي، من الآن فصاعدًا، سوفَ يعرف العالم كله سرّي، وسوفَ يسخرون مني إذ لم يسمعوا أبدًا عن إمبراطور بأذنيّ «تيس»:

حين شاهدَ «جان» حزن إمبراطوره، همسَ له:

- في الواقع يا مولاي... إن لديك أذنين غريبتين، لكنهما مع ذلك مبتكرتان وغير عاديتين، ولا يحمل أي إنسان في الدنيا أذنين شبيهتين بهما إلا أنت يا سيدي.

أطلق الإمبراطور ضحكةً عاليةً، صائحًا:

- عندك حق. فلندخل إلى القصر ولتقصّ لي شعري في الحال، قصيرًا جدًا، وسوف تكون أذنا التيس موضةً في هذه الإمبراطورية.