دجاجةُ «ثعلوب»

دجاجةُ «ثعلوب»
        

رسم: عفراء اليوسف

          كانَ لأحدِ المزارعين مزرعةُ دجاج صغيرةٌ، أوكلَ حراستَها إلى كلبِهِ «فرهود» الشرس. وفي أحدِ الأيامِ ذهب المزارعُ إلى سوقِ المدينةِ المجاورةِ للتسوّق، مصطحبًا معه عائلتَه، وكان «فرهود» قد سهرَ طوال الليلةِ الماضيةِ يحرسُ المزرعةَ، وبعد أن توارت العربةُ بالعائلةِ خلفَ المنعطفِ، فكّرَ أن ينامَ قليلاً عند المدخلِ!

          في تلك اللحظةِ، كان ثعلوبٌ يتجولُ قربَ المزرعةِ باحثًا عن طعامٍ، وعندما رأى «فرهود» نائمًا، فكّر بالسطو على المزرعةِ. فتسلّل إلى الداخلِ، وهاجمَ الدجاجاتِ الغافلاتِ، وأمسك بواحدةٍ، ثمّ خرجَ من الفتحةِ نفسِها، بينما راحت الدجاجاتُ الأخريات (يُكاكيْنَ): «كاااك كااااك كاااك»، ويستغثن بحارسهن «فرهود» الذي استيقظ على أصواتِ الاستغاثةِ، وجرى في إثرِ ثعلوب الهاربِ إلى الغابةِ وهو يحدّثُ نفسَه: لابد من الفتكِ بهذا الثعلبِ اللعينِ.

          ثعلوب الجائعُ رأى الكلبَ «فرهود» يتعقّبه وينبحُ عليه في غضبٍ متوعدًا: «عوو عووو عوووو...» ذلك ما جعله يفكرُ في حيلةٍ.

          أسرعَ إلى شجرةٍ كبيرةٍ... أخفى الدجاجةَ الميتةَ خلفَها، ثم تابع جريَهُ في اتجاهِ النهرِ بوسطِ الغابةِ، والكلبُ «فرهود»، مازال في إثرِهِ، تساعده في ذلك حاسةُ شمّهِ القويةُ لأثرِ أقدامِ ثعلوب الذي كان يدركُ هذه الصفةَ في «فرهود». لهذا اتجه نحو النهرِ... وعبر الماءَ في مهارةٍ إلى الضفةِ الأخرى.

          وعندما وصل «فرهود» إلى حافةِ النهرِ، بحثَ في كل ناحيةٍ عن أثرِ ثعلوب من دون فائدةٍ... فازداد غيظُه، وأيقنَ أن ثعلوبًا ضلله بعبورِهِ إلى الضفةِ الأخرى، ففكر قليلاً، وقرر العودةَ إلى المزرعةِ خشيةَ أن يعود إليها ثعلوب ثانيةً، ويسرقَ دجاجةً أخرى!

          أما ثعلوب، فقد أسرعَ إلى الشجرةِ الكبيرةِ التي ترك تحتَها «دجاجته» فلم يجد إلا ريشَها متطايرًا هنا وهناك! وسمعَ صوتَ نسر جارح يقفُ فوقَ جذعِ الشجرةِ، يقول له في سخريةٍ وبرودٍ:

          - لم أكن أعلم يا صديقي ثعلوب أنها دجاجتُكَ!

          وبعد لحظةِ صمتٍ وتفكيرٍ، مضى ثعلوب في حال سبيلِهِ، ربّما في اتجاهِ المزرعةِ من جديد!

 

 


 

يوسف حمدان