قدوتي العلمية (محمد النشائي البحث عن الفوضى)

قدوتي العلمية (محمد النشائي البحث عن الفوضى)
        

رسوم: ممدوح طلعت

          ترى من هو العالم العربي الذي سيكون حديث الناس، مثل د. أحمد زويل.

          تعالوا نقرأ رحلته العلمية، لنتأكد هل هو الاسم المنشود، وهل سيحصل يومًا ما على جائزة نوبل في العلوم؟

          يومًا.. ما.. بدأت هذه القصة في مدينة مصرية صغيرة، تسمى فارسكور، التابعة لمحافظة الشرقية، حين رزق الأب الضابط الوطني «صلاح الدين» بمولوده الأول، عام1941، فابتهل إلى الله أن يكون خير مواطن لبلده، وأطلق عليه اسم «محمد».

          وبدأت مدارك الصغير تعي ما يحدث.. فهناك عائلة عريقة،أعمدتها من الوزراء، والمهندسين، ورجال السياسة والقانون، والمكتبة مملوءة بمئات الكتب التي يقرأها أهل البيت.

          وفي سن صغيرة، بدأ يقرأ أعمال كبار الكتّاب، توفيق الحكيم، وطه حسين، عباس العقاد، وراح أهل الدار يسمعونه يقول:

          سوف أكون كاتبًا، أو فنانًا..

          إلا أن أباه.. قال له يومًا بلطف:

          يا بني، كن كاتبًا كما تشاء.. لكنني آمل أن تدرس الهندسة.

          وراح يردد: الثقافة.. أولاً.

          إلى أن حدثت المفاجأة، غير المتوقعة، حين قرر الأب أن يرحل بأسرته إلى ألمانيا،لم يستوعب الصغير ما يدور أمامه، ولم يتخيل حقيقة أن حياته القادمة ستكون في وطن آخر، وأن يترك بلده مصر التي قرأ تاريخها، وآدابها، وهو لايزال صغيرًا، وتمنى لو يعيش فيها.

          لكنه، وجد نفسه يعيش في ألمانيا الغربية، وسط أقران جدد، رحبوا به، وسمع أحدهم يقول:

          وأنت قادم من بلاد العظماء.. كل التاريخ يقف شامخًا من خلفك.

          وبهذه العبارة، سار دومًا فخورًا وسط زملائه، وعرف بتفوقه في الفصل، ولم يقطع صلته بوطنه، فظل يراسل زملاءه القدامى في فارسكور، إلى أن حانت لحظة الاختيار.

          الآن، انتهت دراسته، وعليه أن يلتحق بإحدى الكليات التي يحبها، وفجأة تذكر عمه رشاد، الذي رحل وهو في الثلاثين من عمره وقال لأبيه:

          سوف أستكمل رحلة عمي رشاد.. في الهندسة.

          وعانق الأب ابنه الشاب بحرارة، وهو يبكي، وقال:

          كان رشاد بارعًا في الهندسة الكيميائية.

          ووجد الشاب نفسه يسبح في بحور العلم، ليس فقط علم الهندسة الكيميائية، التي صار فيها أستاذًا بالجامعة، لكنه قرر أن يدرس، من البداية، في كلية العلوم، كان أستاذًا في كلية الهندسة، وتلميذًا في كلية العلوم.

          وصار عالمًا في الفيزياء، وتخصص في الطاقات النووية العالية.

          وراحت الأسئلة تطارده في ما يحدث حولنا من ظواهر، وطرح على نفسه كثيرًا من الأسئلة عن الشمس، ترى هل هي معلقة في الهواء، وماذا يعني الفراغ من حولنا.

          وغاص في أبحاث أساتذته، خاصة العالم الألماني أينشتين، وأيضًا العالم «ماكس بلانك»، صاحب نظرية «الكم»، وقرر أن يفعل شيئًا.

          إنها الفوضى الممددة.

          هي نظرية جديدة، نشأت بناء على ما توصل إليه علماء سابقون في مجال الكيمياء والفيزياء تقوم على أساس وفق ما قاله في أبحاثه:

          كل ما نراه فوضويًا من حولنا، له قوانين، ويمكن أن نتنبأ بتطوراته في حدود معينة، فالفوضى تتضمن في داخلها النظام، كما أن النظام يشتمل على فوضى، ويوجد عقل يمكنه أن يستوعب كل هذا، لا بد أن يكون عقله بحجم الكون نفسه كي يتطابق معه.

          وتوصل «النشائي» إلى أن الفاعل هو الله عز وجل، فهو الذي يعلم الغيب.

          واستمر العالم في حصر أبحاثه، واستطاع أن يتوصل إلى أن علم الفوضى الممددة، الذي لم يتخصص فيه سوى القليلين من العلماء، يمكن الاستفادة منه في أمور تعتمد على التنبؤ، مثل الأرصاد الجوية، ومشاكل المرور في المدن، وفي حركة البورصة.

          قال له أحد زملائه يومًا: أنت مدهش، يا عزيزي، فلم يكن لك أن تتوصل إلى نظرياتك دون أن تكون خبيرًا في أكثر من تخصص علمي.

          لقد جمع بين الفيزياء، والهندسة الكيميائية، وحاول أن يزاوج بينهما، وبين النظرية (فوضى) وذاعت النظرية الجديدة بين العلماء في الجامعات العالمية، وتمت دعوة العالم المصري لإلقاء عشرات المحاضرات العلمية لشرح نظريته. ويقول:

          إنها نظرية سهلة، تتزاوج فيها نظرية النسبية، بنظرية الكم، واسمها الفراغ الكنتوري، تحية لأستاذي جورج كنتوري.

          ودعي د. النشائي إلى عدة دول، في مؤتمرات تحمل اسمه، يشرح فيها نظريته، ويدافع عنها عبر كثير من المجلات العلمية المتخصصة.

          وهو، وأنت تقرأ حكايته، لا يكف عن شرح نظريته وتأصيلها لكل المؤسسات العلمية.

 


 

محمود قاسم