أجمل الأفلام (عصر الجليد)

أجمل الأفلام (عصر الجليد)
        

فيلم أخرجه كريس ودج
حقق نجاحا عظيما عند إنتاجه عام 2004

          حدثت هذه القصة قبل عشرين ألف عام..

          إنه زمن بعيد للغاية، لكن، لكل زمن قصصه الجميلة.. في ذلك العصر، كان الجليد يكسو العالم، وكانت الحيوانات تعيش في ظروف مختلفة، لذا فإن جلودها كانت سميكة، وكانت الحياة قاسية..

          وفي هذا العالم، عاش «سيد» الحيوان الرشيق، الذي يستطيع الإفلات من الخطر في لحظة مناسبة. خاصة حين تنهار الجبال الجليدية الضخمة، التي يمكن أن تكتسح كل شيء أمامها. كان «سيد» رشيق الحركة، بالغ الذكاء.. وكان صديقًا للماموث «مانفريد»، وهو حيوان يشبه الفيل، لكنه من دون زلومة.. كم هو في أشد الحاجة إليه وسط هذه الحياة القاسية، المملوءة بالكائنات العملاقة، وعلى رأسها الديناصورات والخراتيت.. لذا، كم شهدت هذه الحيوانات الهجرة من أماكن الجليد إلى الأراضي الدافئة..

          كان «مانفريد» قوي الجسد، يمكنه أن يغلب عدة خراتيت ضخمة في معركة واحدة.. وبعد المعركة الفاصلة التي أثبت فيها الماموث أنه الأقوى في بلاد الجليد، وجد «سيد» نفسه في مأمن حقيقي، وهو يصحب صديقه الجديد إلى حيث يعيش الإنسان..

          لم يكن «سيد» يعرف أن هناك خصومة بين الأسود ذوات الأنياب المسنونة، والإنسان، وأن هذا الأخير كم خرج إلى الغابة، واصطاد الحيوانات، كي يأكل اللحم، ويتخذ من جلود الحيوانات ملابس ثقيلة للتدفئة..

          لذا أرادت الأسود ذوات الأنياب المسنونة، الانتقام من الإنسان، بأن تختطف وليدًا صغيرًا لزعيم قبيلة البشر..

          وذات ليلة، هجمت الأسود الشرسة على قبيلة الإنسان، واندلعت معركة رهيبة.. وأمام الخطر المحدق بوليدها، انطلقت الأم، زوجة زعيم القبيلة، نحو النهر، باحثة عن مهرب.. وانطلق الأسد وراءها، فرمت بنفسها، ومعها وليدها، في الشلال.. وعندما حل بها التعب خرجت إلى الشاطئ، وشاهدت الماموث، وصديقه «سيد»، فتركت ابنها ، واختفت..

          يجب أن نوصل هذا الصغير إلى أسرته.. بأمان وسلام..

          وصارت المسئولية كبيرة، فالوحوش التي تريد إلحاق الأذى بالصغير، تملأ بلاد الجليد، خاصة الأسود المفترسة.. حيث استطاع أحدهم أن يلحق بالصديقين، وقال: يمكنني أن آخذ الطفل، وأن أعيده إلى أهله.. لكن «الماموث» لم يصدق الأسد. وطلب من «سيد» أن يحافظ عليه بأي ثمن.. لم تكن رعاية الصغير أمرًا سهلاً، فهو يحتاج إلى الطعام، والرعاية، وكم واجه «سيد» المتاعب، وهو يدبر ما هو لازم لبطن الطفل.. خاصة الثمرة الخضراء. التي استطاع الحصول عليها من البجع البري.. وبعد مطاردات عديدة، أثبت فيها «سيد» براعته، تمكن هذا الأخير من الحصول على «الثمرة الخضراء» التي التهم محتوياتها بشهية لا مثيل لها..

          لم تكن الرحلة سهلة بالمرة.. ففي الليل، راح الأسد يتحين الفرصة، لاختطاف الطفل، والهروب به، خاصة حين غلب النوم كلاً من «مانفريد»، «الماموث»، و«سيد» العجيب..

          وفي اللحظة المناسبة، وقبل أن يفلت الأسد المتوحش، بالصغير، تنبه «مانفريد»، وفهم ما يحدث، واستطاع إنقاذ الصغير من جديد.. واستمرت الرحلة.. وسط الجليد، وتولدت محبة عميقة بين الحيوانات، والطفل.. وازداد الصديقان ترابطا من أجل تحقيق الهدف، وهو توصيل «الصغير» إلى والديه.. الغريب أن الأسد المرافق لهما، لم يفقد الأمل، كان عليه أن يخفي مشاعره، وأن ينتظر اللحظة المناسبة..

          وحين دخلوا إلى الكهف الجليدي العملاق، تدحرج الطفل فجأة، ودخل في متاهة جليدية عميقة، حيث أخذ يتزلج لمسافة طويلة، دون أن يتمكن من السيطرة على نفسه..

          كانت مطاردة مثيرة، مدهشة.. ورغم الجسم القوي للماموث، فإنه انزلق بخفة، ورشاقة، محاولا إنقاذ الصغير من الخطر.. وعندما التقطه، كان الطفل يضحك من أعماقه، دون أن يفهم شيئا مما يدور حوله..

          وعاد الطفل إلى أحضان «سيد» مرة أخرى.. واستكملوا الرحلة في الكهف الكبير.. وشاهدوا الحفريات القديمة التي تركها الإنسان وفيها رسم كل شيء يتعلق بحياته.. وعندما خرجوا من الكهف، كانت هناك مفاجأة.. فقد واجهوا انهيارا جليديا، بالغ الخطورة، هدد كلاً منهم بخطر حقيقي، ووسط هذا الخطر، كاد الأسد أن يسقط من أعلى الجبال الجليدية، إلى حيث يوجد بركان ناري يشتعل كالجحيم.. وتمكن الماموث من إنقاذ الأسد المتوحش، في اللحظة الأخيرة.. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأسد ظل يضمر الشر له.. كان يعرف أن قبيلة من الأسود المتوحشة تتبعهم عن قرب.. وأنها تتحين التقاط الطفل، كي تنتقم من الإنسان، حين تلحق به الأذى.. وعندما دخلوا كهفًا آخر، أشعلوا النيران، وعرفوا الدفء.. ومشي الطفل على قدميه لأول مرة، وأحس الماموث بسعادة الأب، وهو يرى الصغير يمشي على قدميه.. لم يشعر أحد منهم باليأس. فهناك هدف واحد منشود. هو أن يصل الطفل إلى أسرته.. وكانت المفاجأة، حين اعترف الأسد «ديجو» بأنهم في خطر:  نعم، أنتم في خطر، فالأسود الشرسة تطاردنا.. وصار على «سيد» أن يهرب بالطفل، وأن ينزلق به فوق الجليد، ليعبر به من منطقة الخطر، والمطاردات، وفجأة، سقطت اللفافة التي بها الطفل فوق الجليد.. وانكشفت الحيلة.. فلم يكن الطفل داخل اللفافة.. لقد خبأه «سيد» في كهف صغير..

          ولم تنطل الحيلة على الأسود الشرسة.. فاستمرت المطاردات. ووجد «ديجو» نفسه لأول مرة يدافع عن الطفل، ضد أبناء عشيرته.. وبعد معركة شرسة، انسحبت الأسود.. وسقط الجليد، فوق «ديجو» كي يدفع حياته ثمنا لمشاعره التي تغيرت.. واستكمل الصديقان الرحلة، بعد أن تم التخلص من الأسود الشرسة.. وكان اللقاء حميما مع الأبوين.. وعند الوداع، احتضن «الماموث» الطفل، وقال: لن ننساكم أبدا..

          ومد الأب بقلادة كان يضعها حول عنق ابنه، كي تكون تذكارا جميلا.. وعند الوداع كانت المفاجأة، فقد ظهر «ديجو» مرة أخرى.. فهو لم يمت، بل تعافى، وجاء لوداع الصغير الذي كان يوما ما خصما له.. وتولدت صداقة عميقة بين الثلاثة: «سيد»، و«الماموث»، والأسد «ديجو».. وبعد عشرين ألف عام، تم العثور على قطعة من الجليد الذي عاش طويلا..

          وعندما ذاب الجليد، خرج «سيد» مجمدا، ومن ثم دبت فيه الحياة، وأخذ ينطلق في الصحراء، معبرا عن سعادته بعودته إلى الطبيعة..

 


 

محمود قاسم