تتميز مساجد المغرب بطابع عمراني فريد، حيث يتخذ المسجد شكلاً مستطيلاً تتجه أحد أضلاعه الطويلة إلى القبلة، بينما ينفتح فناء على السماء في الجهة المقابلة. وفي وسط الفناء أو على جانبيه تتخذ نافورة الماء مكانًا يقصده المتوضئون قبل الصلاة.

وتتكون نافورة الماء من شكل نصف كرة مقعرة ومجزأة إلى قطع منحنية يمسكها شكل شاقولي منحوت ينتهي إلى أرضية مبلطة بالفسيفساء المعروف في المغرب باسم «الزليج». وفي قاعة الصلاة تتنافس الأقواس على حمل السقف الذي تتدلى منه أشكال زخرفية منحوتة من الجبس تستقي زخارفها من أشكال نباتية وتسمى «التوريق» أو هندسية معقدة وتسمى «التسطير»، وينال الحائط في الجهة الشرقية لقاعة الصلاة حظ أوفر من الزخارف تبتدئ من الأرضية بمساحة مستطيلة وعريضة من قطع الفسيفساء الصغيرة ذات طابع هندسي معقد تتزاحم في ما بينها، لتكون زخرفة تبتدئ من نقطة في الوسط ولا تنتهي إلا بزخرفة أخرى مختلفة.

وفوق مساحات الفسيفساء أو الزليج هذه تنتشر أشكال بارزة منحوتة من الجبس، تتخللها آيات بينات مختارة تذكر مَن يرفع رأسه نحوها بالخشوع والخضوع لله تعالى.

ومن أعلى هذا الحائط تطل عليك نوافذ صغيرة بأشكال ملونة من الزجاج تنثر أشعة الشمس بألوان حمراء وخضراء وصفراء هنا وهناك. وفي وسط قاعة الصلاة، تقف أعمدة ضخمة لتحمل قبة المسجد ذات شكل هرمي تصطف في سقفها أعمدة من الخشب، بينما تتدلى من وسطها ثريا ضخمة تحمل المصابيح والشموع. أما أبواب المسجد والمنبر، فقد تفننت يد الصانع المغربي في إخضاع خشبه القاسي الصلب لأشكال معقدة من الزخارف حتى يخيّل إليك أن ما تراه من النقوش البارزة المتنوعة هي على مادة لينة.

أما المئذنة فتمتد إلى السماء على شكل متوازي المستطيلات ضخم، ينتهي بآخر صغير وفي أعلاه «جامور» وهو قضيب معدني ينتهي بهلال. إن هذا الصرح العظيم اجتمعت فيه مختلف الصناعات والفنون لتؤكد عظمة المسجد ومنزلته في القلوب. بل إن الزخارف التي قد تبدو للبعض مجرد زينة تبرز فكرة الصلاة والحج فيها في أجمل صورة: فقطع الفسيفساء الصغيرة تصطف منتظمة بألوان مختلفة في شكل دائري حول نقطة واحدة... أليس هذا ما يقوم به المسلمون في جميع أنحاء العالم ومن مختلف الأجناس والألوان وهم يتجهون في كل صلاة أو في مناسك الحج نحو نقطة واحدة: الكعبة المشرفة.

سيظل المسجد مكانًا يجتمع فيه المهرة من الصنّاع والحرفيين ليبدعوا فنًا أصيلاً ومميزًا يتقرّبون به إلى الله.