الفيل المغرور

الفيل المغرور

يراهُ القردُ، فيتخيل أنه «الجبلاية» التي يتقافز عليها القرودُ في حديقةِ الحيوانات!

وتراهُ العصافيرُ، مثل أحد المنازلِ الاسمنتيةِ الكبيرةِ!

أما الدجاجاتُ، فإنها تراهُ في حجمِ خمسةِ منازل من منازلِ الفلاحين!

لكن التماسيحَ، كانت تراه مثل سفينةٍ ضخمةٍ، تعومُ على أربعِ أقدامٍ!

إنه الفيلُ، الذي كان يرى نفسَه أقوى الحيواناتِ، ولا يمكن قهرُه.

والفيلُ هذا الذي نحكي عنه، هو أحد الأفيالِ المغرورةِ.

لم يتوقع يومًا الهزيمةَ من أحدٍ.

ودائمًا يؤكد أنه من المستحيلِ أن يمرض، أو يصاب بمكروهٍ، لأن قوّتَه تحميه.

ذاتَ يومٍ، اختفى الفيلُ الذي نحكي حكايته عن الأنظارِ، الاختفاء لم يكن من طبعِهِ، لأنه كان لابد أن يتباهى ويتفاخرَ بقوتِهِ كل يومٍ أمام الحيواناتِ الأخرى.

انتشرت إشاعةٌ في الغابةِ، بأن الفيلَ المغرورَ، تشاجرَ مع الأسدِ وألحق به الأخيرُ هزيمةً منكرةً، وخرج من معركتِهِ مع الأسدِ، بثلاثِ أقدامٍ، بعد أن فقد الرابعةَ التي استقرّت وجبةً غذائيةً في بطنِ الأسدِ!!

الأسدُ نفى هذه الإشاعةِ، مؤكدًا صداقتَه للفيلِ.

- إذن... فلنبحث عنه!!.. هكذا أمرَ الأسدُ بقّيةَ الحيواناتِ!

بعد أيامٍ... وجدوه مستلقيًا قربَ أحد الأنهارِ على الشطِّ.

كان يلفظُ أنفاسَه الأخيرةِ، ويجلسُ بجوارِهِ أحدُ التماسيحِ العجوزةِ، يعالجه، فلما شاهدَ الحيواناتِ، قال في خوفٍ:

- لقد وجدتُه هنا.. ولم أؤذه... صدّقوني!!

بالطبعِ. لم تصدّقه الحيواناتُ، وقرّر الجميعُ بزعامةِ الأسد، تكوين محكمة فورية لمحاكمة التمساحِ على اغتيالِهِ للفيلِ، واتفقوا أن يكون كبيرُ القردةِ، هو القاضي.

تقدم كبيرُ القردةِ قائلاً للجميعِ:

- أرجوكم، قبل إجراءات المحاكمة، لابد من التحقيق لمعرفةِ سبب الوفاةِ، وهو إجراءٌ مهمٌ لكي لا يقع الظلمُ على أي بريءٍ!

هتفَ الغرابُ مستحسنًا رأيَ كبيرِ القردةِ!!

- نعم... أنا مع رأي قردنا الحكيمِ!

اختارَ الأسدُ السلحفاةَ الطبيبةَ الشرعيةَ لكي تقوم بالتحقيق، فأخذت تتمشّى فوقَ جسدِ الفيلِ جيئةً وذهابًا، وهي تبحثُ عن أيّ آثار لجروحٍ، ربما كانت هي السبب في موتِهِ.

السلحفاةُ... لم تجدْ أي جروح على جسمِ الفيلِ، وفي اللحظةِ نفسِها، تشجّع التمساحُ العجوزُ قائلاً:

- اعذروني... لقد اكتشفت وأنا أقوم بمحاولةِ علاجِهِ، أن أذنه اليسرى متورمةٌ!

اقتربت السلحفاةُ من أذنِ الفيلِ، فرأتْها متورمةً بالفعلِ، فمدّت يدَها وأخرجت نملةً صغيرةً وهي تقول في ثقةٍ:

- هذه هي القاتلةُ!

اندهشَ الجميعُ، ولم يصدقوا ما أعلنته السلحفاةُ، ولكن القردَ الحكيم، تقدم الجميعَ قائلاً:

- إنها تقول الصدقَ، لأن كل كائن له نقطةُ ضعفٍ مهما بلغت قوتُهُ أو حجمه أو توحشه، ونقطةُ الضعفِ عند الفيل، تتمثل في أذنيهِ، وقد استطاعت هذه النملةُ قتلَه عندما قرصته دون أن يتوافر لديها السبقُ في نيةِ القتلِ!

طأطأ الأسدُ رأسَه في حيرةٍ، وبالتأكيدِ، كان يفكرُ في نقطةِ الضعفِ عنده، وكيف يكتشفها، وكذلك بقية الحيواناتِ.

 


 

مجدي نجيب