العالم يتقدم

العالم يتقدم

الطائرة الفضائية.. المدارية

إذا زرت يومًا ما وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا), وألقيت نظرة على شاشات الكمبيوتر التي تعرض المشروعات الفضائية المستقبلية, سوف ترى مخططات مذهلة لسفن فضاء شراعية شمسية ضخمة وخفيفة الوزن, لكي تحمل روّاد فضاء إلى ما وراء حدود مجموعتنا الشمسية, ومصاعد فضائية تمكننا من الدخول في مدار حول كوكب الأرض والخروج منه, كلما رغبنا في ذلك. ولكن لعل أهم هذه المشروعات المستقبلية, هي تلك الطائرات الفضائية التي سوف تجعل من المحطات الفضائية وبعض كواكب وأقمار المجموعة الشمسية, منتجعات لقضاء الإجازات فيها, خلال عشرين سنة قادمة.

ومنذ بدء برنامج الفضاء الأمريكي, أصبحت مخططات هذه الطائرات الفائقة السرعة - ومنها طائرات (إكس) و(إكسبريس الفضاء) - نماذج الاختبار لتقنيات الفضاء المتطورة, ويوجد حاليًا العديد من نماذجها التجريبية, التي يجري تطويرها لكي تجعل الانطلاق في الفضاء أمرًا عاديًا ومألوفًا مثل السفر بالطائرات العادية.

وكل واحدة من تلك الطائرات المستقبلية تندرج تحت مسمى (الطائرات الفضائية المداريّة), بما يعني أنه سوف يتم إطلاقها مثل مكوك الفضاء, في مدار لها حول كوكب الأرض لمرات عديدة قبل استبدالها بأخرى جديدة. وتصمم هذه الطائرات الفضائية المدارية, بحيث تقلل تكاليف الإطلاق من كوكب الأرض, ومن ثم يمكن استخدامها كمركبات فضائية تجارية لأغراض السياحة في أرجاء الفضاء.

وتعد الطائرة الفضائية (إكس - 37) أحدث هذه الطائرات, ولن يتم إطلاقها - في مراحلها التجريبية - بقدرتها الذاتية, بل سوف تثبت فوق متن مركبة فضائية أكبر, إلى أن تدخل في مدار حول كوكب الأرض, حيث تنطلق. وتظل بعد ذلك في مدارها لمدة واحد وعشرين يومًا, تقوم خلالها بتنفيذ تجارب علمية كثيرة قبل عودتها إلى الأرض والهبوط مثل طائرة عادية, على أن تحمل روّاد فضاء بعد تطويرها.

وتبلغ سرعة الطائرة الفضائية المدارية (إكس - 37) نحو 25 ماخ (ماخ هو سرعة الصوت), مما يعني أنها قادرة على السفر بسرعة 28.000 كيلومتر في الساعة. والهدف من مشروع الطائرات الفضائية, هو تجربة نماذج حديثة للمركبات الفضائية متكررة الاستخدام في الأجواء الفضائية القاسية والأداء العملي لعدد كبير من الهياكل المتطورة للطائرات وتقنيات الدفع والتشغيل.

كما أن هناك هدفًا جوهريًا من مشروع الطائرة (إكس - 37) بالتحديد, هو تحسين أجهزة (الحماية الحرارية), التي تحول دون احتراق المركبة الفضائية عند دخولها جو الأرض في رحلة عودتها, وهو أمر بالغ الأهمية لتوفير عامل الأمان لروّاد الفضاء.

والطائرة الفضائية المدارية (إكس - 37), تبدو إلى حد ما نموذجًا مصغرًا لمكوك الفضاء, ويبلغ طولها نحو ثمانية أمتار بما يعني أنها أقصر من الحافلة المدرسية العادية, ويصل وزنها إلى ستة أطنان فقط, ومن ثم فإنها تعتبر مركبة فضائية خفيفة جدًا, حيث يعادل وزنها حوالي ثلاث سيارات ركاب صغيرة.

وتعمل الطائرة (إكس - 37) بوقود الهيدروجين السائل, ويدخل في تصنيع هيكلها مادة (التيتانيوم) وألياف الكربون والنحاس, حتى يتحمل درجة حرارة تفوق خمسة آلاف درجة مئوية, وهي درجة الحرارة التي تواجهها الطائرة (إكس - 37) عند دخولها واحتكاكها بالغلاف الجوي لكوكب الأرض.

ويتوقع العلماء, أنه قبل عام 2008, سوف يستخدم روّاد الفضاء الطائرة (إكس - 37) في رحلة عودتهم إلى كوكب الأرض من محطة الفضاء الدولية, على أنْ ينطلق بها روّاد فضاء جدد ليحلوا محلهم هناك. وربما في نحو عام 2020, ستنطلق بإحدى هذه الطائرات الفضائية المدارية, في رحلة إلى أحد كواكب أو أقمار المجموعة الشمسية لقضاء إجازتك الصيفية في الفضاء.

 


 

رؤوف وصفي