فيسبادن

فيسبادن

ريشة: فاديه فهمي كوري

إلى مدينه الجمال المنتظم يشدني القلم والفرشاة وتسبح أفكاري في أنهار السحر والمدن. مدينة ألمانية تسحرني.

تشدني قدماي إلى أرضها لتزيد حديقة عمري أزدهارًا. يسبح بي الخيال وهذه المرة أحس بأنني في مدينة أعرفها ! نعم أعرفها, أبحث في خيالي عن وجه الشبه أجدني في مدينه الإسكندرية في مصر.

الشارع الطويل الذي يخترق المدينة يطلق عليه وليم استراسا أي شارع وليم تصطف على جانبيه أشجار طويلة يطلق عليها اسم أيشاة وهي شجرة ألمانية قديمة ترتفع لتعانق السماء بطولها الممشوق.

في فيسبادن عين الماء المغلي, وأطلق هذا الاسم لأول مرة عام 1366م حيث اكتشفت تلك العين التي تصب بها وتتجمع بها خمس عشرة عينًا أخرى ومع بداية القرن 19م أصبحت تزود مدينة فيسبادن بالماء الصحي العلاجي التي تصل درجه حرارته إلى 66 درجة مئوية. تشفي هذه المياه بعض الأمراض الخاصة بالجلد كذلك أمراض الجهاز التنفسي والمعدة. في منتصف المدينة القديمة يقف مبنى مجلس المدينة القديم الذي بني سنة 1615م وأعيد ترميمه عام 1829م وأضيف له دور آخر يتميز بالانسيابية والجمال.

يوجد في وسط المدينة القصر الكبير الذي تم ترميمه بعد الدمار الذي لحق به جراء القذف الجوي في الحرب العالمية الثانية عام 1945م وتم تحويل جزء منه إلى دار للبلدية. إذا وقفت في شرفه هذا القصر الشامخ يمكنك أن ترى مرسومًا بالفسيفساء على الأرض النسر الألماني القديم.

خلف هذا القصر الفريد تقع حديقة جميلة يطلق عليها الحديقة الإنجليزية تم تخطيطها وتنفيذها عام 1852م ومازالت تشدو بندرة نباتاتها وبقايا الأعمدة القديمة المنتشرة فيها, وكذلك المجموعات النادرة من التماثيل النحتية التي تظهر ما كانت عليه هذه الحديقة من أناقة.

خارج المدينة وعلى حدودها بنيت الكثير من القلاع والحصون من أهمها قلعه جبل الشمس التي شيدت 1200م في هذه البقعة التي تشرف على المدينة, ولم يعد باقياً من هذا الحصن إلا بعض أجزائه وخاصة البرج الخاص به الذي تم ترميمه وتحول إلى متحف صغير خاص بالحصن ليحكى حكايته. أما الشيء الذي جعلني أحس بأنني احلم هو ذلك الترام المعلق الذي يتحرك في اتجاه الجبل عن طريق السَّحب وقد تم استخدامه أول مرة عام 1888م ليصل بين منطقتين بينهما مستنقع وطول المسافة التي يسيرها الترام أو القطار حوالي 445 مترًا ووضع هذا الترام الآن لندرة الميكنة (الطريقة الميكانيكية) التي تستخدم لرفعه ضمن الميراث الإنساني لحمايته.

بعد انتشار وباء التيفود في المدينة بنيت الحمامات. وفى سنه 1886 م تم أول عرض مسرحي للشاعر والكاتب الألماني جوته بمسرحية مينوفيستو والتي تعد من أهم أعماله. وفي 12اكتوبر 1945م أصبحت فيسبادن عاصمه مقاطعه هيسين.

تنتشر المتاحف في المدينة ومنها متحف المرأة وعندما قررت أن أدخل أكبر مكتبة عامة تذكرت كلمة الفيلسوف خورخي لويس بورخيس (لقد تخيلت الجنة دائمًا مثل المكتبة), وهنا عرفت ماذا يقصد ففي هذه المكتبة ما يقرب من 160000 كتاب مدون ومفهرس بأحدث الطرق العلمية. وتنتشر المسارح على اختلاف أنواعها ومنها مسارح الطفل, وعندما يترك قلمي وتودع ريشتي هذه المدينة الجميلة أتمنى أن أعود للقائكم في إحدى مدن الجمال والسحر.

 

 


 

فاديه فهمي كوري