صور: غياث حبوب

كل الشعوب في جميع أنحاء العالم لها وسيلة في التعبير عن مشاعرها. من بين هذه الوسائل الرقص, لذلك نجد لكل شعب في العالم رقصته الشعبية.

اللبنانيون والسوريون يرقصون (الدبكة), تعبيرًا عن الفرح والسعادة, أهالي الجنوب في مصر يرقصون (التحطيب) تعبيرا عن القوة والشجاعة, أبناء الموانئ الخليجية يرقصون (الرزحة) لاستقبال الصيادين العائدين بالسلامة بعد رحلة طويلة في البحر, والإسبان يرقصون (الفلامنكو), للتعبير عن معان مختلفة.

لكن الباليه فن مختلف, رغم أنه يعتمد أيضًا على الرقص, لأنه فن يمكن أن تمارسه كل الشعوب, وأن يفهم الناس لغته, فهو فن لا يعتمد على الكلام بل على الحركات التي يقوم بها الجسم.

مصممو عروض الباليه يأخذون القصص الشهيرة لتحويلها إلى أعمال فنية, يؤديها أعضاء فرق الباليه على المسرح. يبدأ عمل عرض الباليه بتقسيم القصة إلى مجموعة من الحكايات, وكل حكاية تقسَّم إلى مجموعة من المشاهد, وكل مشهد تصمم له حركات مناسبة تعبر عن معناه, لنفهم عند عرض المشاهد متكاملة القصة كلها.

ارتبط فن الباليه بالأوبرا, لأن كليهما يعتمد على الرقص, والموسيقى معًا, والفارق الوحيد, أنه بينما توجد أصوات غنائية في الأوبرا, يكتفي فن الباليه بالموسيقى فقط. وقريبًا أيضا من فن الباليه نجد فن البنتومايين وتعني التمثيل الصامت.

يعتبر الباليه مفيدًا للجسم, لأنه مثل كل أنواع الرياضة, يحتاج تدريبًا متواصلاً, للحفاظ على رشاقة الجسم, وصحته, وهذا يفيد في سرعة أداء الحركات الفنية, التي نراها صعبة أحيانًا, لكن الفراشات يؤدينها بسهولة لأنهن تدربن كثيرًا عليها. تماما مثل اللاعبين عالم السيرك.

ويلبس أعضاء فريق الباليه ملابس خاصة, سواء كانوا في حجرة التدريب أم على خشبة المسرح. والحذاء الذي يرتدونه مصنوع من جلد خفيف وناعم أو قماش خيش. ومن يريد دخول عالم الباليه, عليه أن يبدأ ذلك مبكرًا جدًا, ففي مدينة موسكو تدخل الفتيات مدارس البولشوي للباليه وعمرهن أربع سنوات فقط! واليوم تعد فرقة البولشوي أهم وأشهر فرق الباليه في العالم.

بدأت عروض الباليه لأول مرة في إيطاليا في القرن الخامس عشر, لكنها انتقلت إلى أوربا عبر فرنسا التي اهتمت بهذا الفن حتى أن الملك لويس الرابع عشر أنشأ مدرسة لرعاية الباليه وتشجيع طلابه, وكان ذلك سنة 1671, وأسماها: الأكاديمية الملكية للموسيقى. وفي الوقت نفسه داخل روسيا, شجع القيصر بيتر الأكبر (1672 - 1725) إقامة حفلات الباليه بأن قدمها في قصره خلال المناسبات المهمة, وشهدت الإمبراطورة آنا أول عرض رسمي للباليه في روسيا سنة 1736.

يمكن أن نحكي قصصًا مماثلة عن تطور عروض وفن الباليه في بريطانيا والدانمرك, والولايات المتحدة الأمريكية, وكندا, فقد أصبح فن الباليه فنًا عالميًا, كما يوجد في بلدان عربية كثيرة معاهد تعلم رقص الباليه, لأنه مثل فنون الرسم والنحت والموسيقى يحتاج إلى موهبة وتعليم وممارسة. وفنانة الباليه تدرس علوما مختلفة, وتخصص وقتًا لفن الباليه, حتى تتفوق به, وتصبح مثل فراشة تعبر حركاتها عن معانيه المختلفة.

هيئة البريد الفرنسية طرحت أخيرًا مجموعة من طوابع البريد التذكارية بمناسبة افتتاح مركز فن الباليه الوطني في مدينة جرونوبل الفرنسية, وقد أصدرت قبل ذلك 17 طابعًا بريديًا رسم عليها رقصات الباليه للرسام الفرنسي أدجار ديجا فى عام 1960.

وأخيرًا فإن كلمة (الباليه) (Ballet) أصلها كلمة Ballare الإيطالية وكلمة Ballo باللغة اللاتينية القديمة, وأصبحت كلمة Ballet الفرنسية الكلمة الأساسية لهذا الفن, وبعد افتتاح دار الأوبرا السورية في دمشق, استمتع جمهور كبير بعروض الفراشات الصغيرة وهن يؤدين عروض الباليه.