قدوتي العلمية

قدوتي العلمية

جون بيرو رجل لا يعرف الفشل

رسوم : ممدوح طلعت

إنه موجود في بيوتنا جميعا, ونستخدمه أغلب ساعات النهار ومع ذلك فالكثيرون منا لا يعرفون اسم ولا حياة مَن اخترعه. لا أحد يعرف تقريبًا أن (جون بيرو) هو مخترع التلفزيون.

(جون) الصغير, المولود في عام 1888, في بيت صغير, لأب فقير, في مدينة صغيرة من مدن اسكتلندا, لم يتمكن الأب من تدبير أمور المعيشة لأسرته الصغيرة, فراح الابن (جون) يفكر في وسيلة لمساعدة أبيه.

وعندما صار (جون) في الثالثة عشرة, فوجئ أبوه به في الشارع يساوم رجلاً في شراء شي ما منه, اندهش الأب, وسأله: ماذا تبيع....ماذا تفعل?

قال الرجل الذي نفح الابن ثلاثة جنيهات بأكملها:

- شكرًا...هذه البطارية سوف تفيدني كثيرًا.

وكان على الصغير أن يشرح لأبيه أنه يصنع أجهزة هي الأولى من نوعها, وأنها المرة الأولى التي يبيع فيها شيئًا من اختراعه.

ومنذ ذلك اليوم تغير حال البيت.

وكان (جون) يعود بين الوقت والآخر, ومعه بعض النقود, وأجهزة قديمة اشتراها من مدخراته يمكنه من خلالها اختراع أجهزة جديدة.

ورغم أن البيت ازدحم بالكثير من هذه الأشياء القديمة, فإن الأم كانت سعيدة, وهي ترى ابنها يقوم بتركيب بعضها, لاستخراج أجهزة جديدة أكثر فائدة للناس.

وكبر (جون بيرو)... والتحق بكلية الهندسية, وتخرج في قسم الكهرباء, وكلما مرت به الأيام, امتلأت حجرته بأدوات قديمة.

كان (بيرو) قد سمع عن الراديو الذي اخترعه العالم الإيطالي (ماركوني) وأن الإذاعة صارت في أغلب البيوت.

وقرر أن يسبق (ماركوني) وأن يخترع جهازًا جديدًا, يعرض على الناس الصورة, يشاهد فيه الناس المذيع هو يتكلم إليهم. أي جهاز ينقل الصوت والصورة معًا.

وعكف الشاب في منزله يختبر أجهزته التي أصبحت أكثر تطورًا, رغم أنها لاتزال قديمة بعد أن عرف أن الأشعة تحت الحمراء يمكنها أن تنقل الصورة عبر مسافات طويلة وراح يلملم أشياءه القديمة, ويقوم بتركيبها, كي يصنع جهازاً يبث الصوت والصورة معًا.

وفشل مرة, ثم مرة, وفشل عشر مرات.

حدث ذلك عام 1922, لكنه لم يستسلم للفشل.

في البداية تمكن من الحصول على صورة ثابتة, وانطلق صوت الراديو من خلفها, قفز نحو السقف من الفرحة, ونظر إلى الصورة الثابتة, وراح يداعبها.

- صديقتي الصورة, اطمئني, فبعد أيام سوف تتحركين.

وعرف سر حركة الصورة, فلو عرضنا ثلاثين صورة ثابتة وراء بعضها, وحرّكناها بسرعة ثلاثين صورة في الثانية الواحدة, لتحرّكت.

لم يعرف اليأس, واستكمل رحلته لتطوير مكوّنات جهازه الذي قرر أن يسمّيه (التلفزيون), أو المرئي عن بُعد.

وتوصل إلى أن الحزم الضوئية, أو الإلكترونية ترتد دائمًا إلى مصادرها, وترسل إشارات تم التقاطها عن طريق آلة التصوير.

ورغم أن هذه الأشعة الضارة قد تسرّبت إلى جسد (جون بيرو), وأصابته بالمرض, فإنه لم يعرف اليأس قط.

ويوم أن عرض التلفزيون جنازته عام 1946, لم يتخيّل الناس مدى المجهود الذي بذله هذا الراحل كي تدخل السعادة قلوب مليارات البشر طوال القرون القادمة, بسبب اختراعه.

 


 

محمود قاسم