أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء

كلما تصفحتُ كتابًا, وقلبت صفحاته, وشممت رائحته الخاصة, تذكرت قول الكاتبة الأمريكية يودرا ولتي, وهي تتحدث عن حبها للكتب الذي تجلى واضحا منذ المرحلة المبكرة من حياتها, تقول: (لقد دهشت وصعقت عندما عرفت أن الروايات الجميلة التي كنت شغوفة بقراءتها قد ألفها أناس مثلي, وإنها لم تأتِ من تلقاء نفسها, كما ينمو العشب, ولكن مهما يكن مصدرها, فلم يكن هناك وقت لم أحب فيه الكتب, من الغلاف للغلاف, بما في ذلك رائحة الحبر, ولون الورق, ونعومة الصفحات, والحق أن تعلقي بالكتب يعود إلى زمن لم أكن قد تعلمت فيه القراءة بعد), هذه الكلمات يفهمها جيدا عشاق الكتب, أولئك الذين يتحول الكتاب بالنسبة لهم من كائن من الورق إلى صديق عزيز, أو على حد القول الشاعر العربي, (وخير جليس في الزمان كتاب), فمهما تطورت المخترعات, وتنافست الأقمار الصناعية في إرسال صورها الجذابة, ومهما حشدت شاشة الإنترنت من معلومات متدفقة, يظل الكتاب هو المصدر الأساسي للمعرفة, وهو الصديق الذي يصحبك إلى كل مكان تذهب إليه, لا يحتل إلا مكانًا صغيرًا في حقيبة سفرك, كما أنه صالح للاستخدام في أي مكان دون أي حاجة لأي نوع من الوصلات الكهربائية أو الهوائية.

هناك كثير من الكتب التي احتفظت بها في مكتبتي على مدى سنوات طويلة, وأشعر أن هذه الكتب قد أخذت شيئًا من شخصيتي مثلما أخذت أنا بعضًا من أفكارها, فهي تحمل بعضًا من ملاحظات كتبتها بخط يدي, أو قصاصة من ورق, كنت مهتمًا بالاحتفاظ بها, أو حتى بقايا زهرة ذابلة, كلها حملها الكتاب لي, كما يفعل الأصدقاء الأعزاء حين يحفظون الذكرى.

 


 

سليمان العسكري

 




صورة الغلاف