العالم يتقدم

العالم يتقدم

عينا الأخطبوط... روبوت المستقبل

إذا زرت يومًا ما أحد معاهد الأحياء البحرية, فاسأل أي حارس لأحواض تربية الأسماك, عن الأخطبوط, سوف يخبرك بأن الأخطبوط هو (خبير) الهروب الذي يستطيع أن يضغط جسمه بأي شكل, بحيث يخرج من أصغر الفتحات الممكنة, وهو أذكى الحيوانات اللافقارية, كذلك سيبلغك بمدى حب الأخطبوط لاستكشاف البيئة المحيطة به, مستخدمًا عينيه اللتين تتميزان بحدة الإبصار.

وعينا الأخطبوط كبيرتا الحجم, وتقعان على جانبي رأسه, ويمكنهما رؤية المشاهد أفقيًا ورأسيًا, كما أنهما تستخدمان خصائص الأجسام المختلفة, مثل اللمعان والحجم والشكل, لتمييزها عن غيرها. كما أن العدسة في عين الأخطبوط لا تغير من شكلها, مثلما يحدث في عين الإنسان, بل تتجه إلى الأمام أو الخلف, حتى يتمكن الأخطبوط من تركيز نظره.

وقد دفعت هذه الميزات أحد الباحثين لكي يدرس بدقة كيف يرى الأخطبوط, ثم يقلّد تركيب ووظائف عينيه القويتين, في رقاقة إلكترونية من مادة السليكون - مثل رقاقة الكمبيوتر - تسمى (الشبكية الاصطناعية). ويهدف هذا الباحث إلى ابتكار جهاز رؤية إلكتروني, يمكن استخدامه في الروبوتات المستقبلية التي سوف تستكشف المحيطات أو الفضاء الخارجي, أو البيئات البالغة القسوة, كما في المفاعلات النووية.

وقد تمكن هذا الباحث أخيرًا من التوصل إلى تصميم شكل مبدئي لرقاقة (الشبكية الاصطناعية) في حجم ضئيل جدًا لا تتجاوز عدة مليمترات مكعبة.

وتعمل رقاقة الشبكية الاصطناعية مثل شبكية العين, أي كغشاء حساس في العين, تقوم بترشيح الصور التي ترسل إلى المخ. ويأمل العلماء في التوصل إلى صنع جهاز إبصار لروبوت المستقبل, بحيث يستوعب كل ما هو موجود في البيئة المحيطة به - أثناء تشغيله - ومن ثم يمكنه اتخاذ القرارات المناسبة دون أن يوجهه المشغل.

وهناك تحدّ كبير أمام العلماء, يتمثل في تصميم الأسلوب, الذي يستخدمه مخ الروبوت لفهم واستيعاب الصور التي (يراها), ومن ثم يعمل وفقًا لها. وتعتبر رقاقة الشبكية الاصطناعية لعين الأخطبوط, جهازًا بصريًا رائعًا وبسيطًا يخدم في هذا المجال.

ولابتكار رقاقة الشبكية الاصطناعية, لجأ العلماء إلى التقنيات التي تستخدم في بعض الكاميرات الرقمية الحديثة, وتتلخص في تحويل الصور والضوء الساقط عليها إلى نبضات كهربائية مختلفة. وتبادر أجهزة في مخ الروبوت إلى تحويل تلك النبضات الكهربائية إلى شفرات رقمية, ثم إلى صور (يدركها) الروبوت, فيؤدي العمل المطلوب منه بشكل مستقل, دون أي مساعدة خارجية.

 


 

رءوف وصفي