بيتنا الأرض

بيتنا الأرض

من أفسد الصيف الجميل?

اسمي صالح, من بلدة عربية جميلة, وأجمل ماتكون في فصلي الربيع والصيف. ففي الشتاء يكون الجو باردًا والثلوج الكثيفة تغطي الجبل وتنحدر لتغطي الطرقات. تكون الحياة صعبة في الشتاء, لكن ما إن يصير الجو دافئًا مع قدوم الربيع, حتى تبدأ الثلوج في الذوبان, وتأخذ الخضرة في الظهور بدلاً من الثلوج, تغدو الدنيا مبهجة وتنشط الطيور التي يغني بعضها بأصوات عذبة. ومع دخول الصيف يزداد جمال بلدتنا والجبل الذي يطل عليها, يصير الجبل أخضرً مرصعًا بالزهور, وتتألق ثمار التفاح الأحمر على غصون الأشجار على المنحدرات, إنه تفاح الجولان الشهير بلونه الأحمر اللامع وطعمه اللذيذ. أظنكم عرفتم الآن بلدتي.

نعم, أنا من مجدل شمس, إحدى بلدات الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل. وكان قدوم الصيف قبل الاحتلال يعني الفرح بروعة الحياة, إخوتي الأكبر مني في العمر يحكون لي كيف أنهم كانوا في الصيف ينهضون من النوم مبكرين, ويفتحون نوافذ بيتنا القابع في ظل الجبل, يفتحون النوافذ على آخرها لتهب عليهم نسائم الصباح اللطيفة ويطلوا على الجبل الأخضر والزهور والتفاح ويستمتعوا بشدو العصافير, أما أنا, فأنا محروم من الإطلال على مناظر صيفنا الجميل, ومحروم من الاستمتاع بهبوب نسائمه اللطيفة, لأنني محروم من فتح نوافذ بيتنا المطلة على الجبل!

لم نعد نفتح نوافذ بيتنا, وكل جيراننا أيضا لا يفتحون نوافذ بيوتهم, لأن الموت صار مختبئا في مناظر الجبل البديع ونسائم الصباحات الصيفية اللطيفة. فالألغام التي زرعها الاحتلال الإسرائيلي في الجبل صارت تتحرك من أماكنها مع ذوبان الثلوج, وتنزلق حتى تتوقف عند حيطان بيوتنا, تحت نوافذنا, ويكفي أن يقف عصفور على أحد هذه الألغام لينفجر ويقتل من يكون مطلاً من أي نافذة قريبة. لم نعد نفتح نوافذنا على الصيف الذي كان جميلاً قبل الاحتلال.

 


 

محمد المخزنجي