أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء

في هذا الشهر من كل عام تدق أجراس المدارس لتدعو الأطفال للالتحاق بصفوفهم, إنها بداية عام جديد وأمل جديد يتطلع إليه الأبناء والآباء أيضًا, فالأبناء يرون فيه خطوة جديدة نحو المزيد من التعلم والمعرفة, والآباء يعدونه خطوة أخرى يسيرها أطفالهم على طريق النضج وتحمل المسئولية.

والمدرسة واحدة من أقدم الأشكال التي توصل إليها الإنسان من أجل تقدمه. ففي العصر الحجري كان الأب يرسم لابنه على جدار الكهف الذي يعيشان فيه كيف يصيد الحيوانات, وكيف يحمي نفسه ويؤمن لأسرته الطعام, وفي الحضارات القديمة كان التعليم يتم داخل المعابد لأنهم كانوا يعتقدون أن الشخص المتعلم قادر على خدمة الآلهة أكثر من غيره, وكان الملوك يحتاجون إلى أعداد كبيرة من الكَتَبَة (الذين يستطيعون الكتابة) حتى يدونوا لهم الحسابات والمراسلات, وفي ظل الحضارة الإسلامية ازدهرت المدارس داخل المساجد, وكان لكل شيخ عمود مخصص من أعمدة المسجد يجلس بجواره بينما يجلس الطلاب في دائرة حوله, فكان المسجد دارًا للعبادة وللتعلم في الوقت ذاته, ولا زالت بعض المساجد العظيمة تقوم بهذا الدور, مثل الجامع الأزهر في مصر, وجامع القيروان في تونس وغيرهما, ثم ابتكر المسلمون المدارس النظامية, وأعدوا مباني مخصصة للدراسة فقط , ولعل الآباء يذكرون بالخير المدارس الأولى التي تعلموا فيها حفظ القرآن, وكانت تسمى الكتاتيب أو الخلاوي, وفيها يجلسون في حلقة حول الشيخ وهو يعلمهم القراءة والكتابة ليكونوا أكثر قدرة على حفظ القرآن.

إن حب الإنسان للتعلم والمعرفة لم ينته منذ آلاف السنين, وهأنتم أيها الأصدقاء تواصلون السير على الطريق نفسه.

 


 

سليمان العسكري

 




صورة الغلاف