الإسلام حضارة

الإسلام حضارة

الإسراء والمعراج

الإسراءُ, هو السير ليلا, والمقصود به انتقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى, ومعنى المعراج الصعود, والمقصود به الصعود برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى إلى السموات العلى.

وإسراء الله تعالى بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - معناه نَقلُه ليلاً من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالشام, وهو ثابت بالقرآن الكريم في قوله تعالى بأول سورة الإسراء سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ كما وردت به الأحاديث الصحيحة, وهى كثيرة مشهورة.

والمعراج مأخوذ من العروج وهو الصُّعود إلى أعلى, وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عُرِج به من الأرض إلى السماء, وذلك بالأحاديث الصحيحة, أو بقوله تعالى في سورة النجم: ولقد رآه أي جبريل نَزْلةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى. إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى .

ونحن نصدق ما جاء في سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام, لأن تصديق الكتاب والسنة جزء من الإيمان, كما أن الله تعالى قال ومَا جعلنا الرُّؤْيا التي أرَيْناكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاس أي امتحانًا واختبارًا لهم كيف يُصدِّقونها, وذلك لا يكون إلا إذا تمَّت الرِّحلة بالجسد والرُّوح معًا, فليس في إسراء الروح فقط فتنةٌ ولا غرابة, ولذلك حين سَمِع المُشركون خَبَرَها كذَّبوا أن تتمَّ في ليْلة.

والإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل, كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة, وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه. وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عُرج به إلى السماوات, وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة, فكلمه ربه سبحانه بما أراد, وفرض عليه الصلوات الخمس, وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة, فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف, حتى جعلها خمسًا, فهي خمس في الفرض, وخمسون في الأجر لأن الحسنة بعشر أمثالها, فلله الحمد والشكر على جميع نعمه.

ثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس راكبا على البراق صحبة جبريل عليه السلام. فنزل هناك. وصلى بالأنبياء إماما. وربط البراق بحلقة باب المسجد. ثم عرج به إلى السماء الدنيا. فرأى فيها آدم. ورأى أرواح السعداء عن يمينه والأشقياء عن شماله. ثم إلى الثانية. فرأى فيها عيسى ويحيى. ثم إلى الثالثة. فرأى فيها يوسف. ثم إلى الرابعة. فرأى فيها إدريس. ثم إلى الخامسة. فرأى فيها هارون. ثم إلى السادسة. فرأى فيها موسى. فلما جاوزه بكى. فقيل له ما يبكيك? قال أبكي أن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي. ثم عرج به إلى السماء السابعة. فلقي فيها إبراهيم. ثم إلى سدرة المنتهى. ثم رفع إلى البيت المعمور. فرأى هناك جبريل في صورته له ستمائة جناح وهو قوله تعالى ولقد رآه نزلة أخرى. عند سدرة المنتهى

وكلمه ربه وأعطاه ما أعطاه. وأعطاه الصلاة. فكانت قرة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه وأخبرهم اشتد تكذيبهم له وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس. فجلاّه الله له حتى عاينه. وجعل يخبرهم به, ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئا. وأخبرهم عن عيرهم (الإبل التي في قوافلهم) التي رآها في مسراه ومرجعه وعن وقت قدومها, وعن البعير الذي يقدمها. فكان كما قال. فلم يزدهم ذلك إلا ثبورا. وأبى الظالمون إلا كفورا.

 


 

هيثم خيري