البقرة السمينة تطير

البقرة السمينة تطير

رسوم: نصير بهبهاني

البقرة السمينة تحلمُ بالطيران.

البقرة السمينة التي تجاوز وزنها الصيف الماضي أكثر من خمسة خراف كبيرة.

ما إن ترى أحداً في الحقل حتى تسأله أن يرشدها إلى طريقة لتحقيق حلمها. وكان الجميع بالطبع يضحك منها, حتى أصبح مجرد ذكر اسم البقرة مدعاة للضحك.

الخروف الأبيض أطلق اسم البقرة على الطائرات الصغيرة التي تمر فوق الحقل وترش المبيدات الحشرية على المزروعات.

بل إن حصان الحقل الحكيم لم يستطع أن يصبر وهو يستمع للبقرة, فطلب من الجميع أن يمتنعوا صباح اليوم التالي عن العمل احتفالاً بحلم صديقتهم البقرة.

قال الحصان وهو يضحك مع دجاجات الحقل والحمار والبط والعنزة البيضاء:

ـــ ما ينقص عزيزتنا البقرة جناحان من ريش النسر لتستطيع التحليق عالياً.

ووقع الجميع على الأرض ضاحكين بقوة, بينما أطرافهم ترتفع إلى الأعلى.

لكن كلام الحصان لم يغضب البقرة, ولم تلتفت لضحك الآخرين.بل وجدتها فكرة مناسبة لتحقيق حلمها بالطيران.

و هنا تساءلت:

ـــ ولكن أين أجد ريش نسر?... ها... لا بأس لو جربت ريش الدجاج والبط.

بقيت البقرة طوال الليل تبحث في الحقل عن الريش المتساقط. كما أنها استعارت خيوطاً ملونة من المخزن, وجلست الليل كله تخيط جناحين عملاقين يرفعان جسمها إلى الأعلى... و... تطير مثل العصافير!

صباح اليوم التالي استيقظت الحيوانات جميعها على صياح البقرة, بدلاً من صياح الديك العجوز.

انتبه الجميع إلى أن البقرة قد صعدت فوق الكوخ العالي, وهي تهز جناحين كبيرين من الريش والخيوط.

صاحت بهم البقرة:

ـــ أيها الأصدقاء سترون الآن البقرة الشجاعة وهي تطير, ولن تضحكوا مني بعد اليوم !

ما إن أنهت البقرة كلامها, حتى حّركت جسدها واستعدت للطيران. ورأت حيوانات الحقل البقرة وهي تحرك جسدها الثقيل استعداداً للطيران.

خاف الجميع وركضوا يبحثون عن ملجأ.

الحصان الحكيم الوحيد الذي ظل ينتظر طيران البقرة.

تكلم مع صديقه الحمار بخطة سريعة حتى يحميا صديقتهما البقرة من أن تقع وتتكسر عظامها.

جرى الحمار بسرعة وساعد الحصان بسحب عربة القش إلى المكان الذي تنوي البقرة أن تسقط من فوقه.

فجأة تحركت البقرة. طارت البقرة.

حلقت قليلاً, قليلاً, وشعرت بالسعادة وهي ترى نفسها تطير مثل النسر.

لكنها فجأة شعرت بنفسها ثقيلة جداً, وبأنها... آه...

( إنني أسقط...أسقط... آه ساعدوني يا أصدقائي) وسمعت حيوانات الحقل صراخ البقرة.

جرى الحصان وخلفه الحمار ونصبا عربة القش أسفل الكوخ تماماً, وابتعدا بسرعة حتى لا تقع البقرة الطائرة على رأسيهما.

سمع الجميع بعد لحظات ارتطام البقرة بعربة القش الذي تناثر في الحقل كما لو بدأت السماء تمطر.

ركضت الحيوانات حتى عربة القش, ورأوا هناك منظراً لا ينسى.

كانت البقرة المسكينة وسط العربة يغطي جسمها الثقيل جناحان من الريش والخيوط, وقد تشابكا حول رأسها وساقيها, وكانت تحاول عبثاً التخلص منهما دون جدوى.

ضحكت الدجاجة وهي ترى ريشها قد تحول إلى جناحين للبقرة.

بينما صمتت البقرة ولم تنطق بكلمة, وتركت الحصان والحمار يساعدانها على الخروج من عربة القش التي لم تعد تصلح لشيء.

ما قاله الحمار فيما بعد, أن البقرة أصبحت لا تحب الحديث عن الطيور, وازداد وزنها أكثر, حتى أنها لا تجرؤ على تحريك قدمين في وقت واحد. وأصبح حلمها الوحيد أن ترعى وسط الحقل, تأكل العشب ببطء وتطرد الذباب بذيلها.

 


 

عبدالهادي سعدون