مبدعات صغيرات

مبدعات صغيرات

ليتكم جميعا جئتم معي إلى معرض العرائس التي ابتكرتها طالبات المدارس (صديقة الفتيات), والذي أقيم في مدرسة قرية (أبو صير) المصرية. حتى تشاهدوا وتشعروا بالفرحة وهي تملأ عيون الفنانات الصغيرات. وقد جاء الكثيرون ليشاهدوا أعمالهن الرائعة, ويستمتعوا بالمسرحية التي قدمتها التلميذات أيضا. فكان الاحتفال الكبير بهن ومعهن.

علكم ترغبون أولاً في التعرف على معنى المدارس صديقة الفتيات. حسناً, إنها مدارس بدأ إنشاؤها في مصر منذ عام تقريبًا وهي لا تقبل إلا الطالبات اللاتي فاتتهن فرصة التعليم فلم يلتحقن بأي مدرسة أو اللاتي تركن المدرسة قبل أن ينهين دراستهن بسبب اضطرارهن للعمل ومساعدة عائلاتهن أو بسبب بعض العادات الخاطئة التي تنظر لتعليم الفتاة على أنه ليس مهماً. وقد أنشأت مصر هذه المدارس بالتعاون مع منظمات عالمية مهتمة بموضوع التعليم مثل منظمة (اليونسكو) أو التربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة, ومنظمة الطفولة العالمية (اليونسيف) وغيرهما. حيث تتعاون هذه المنظمات مع دول العالم المختلفة في القضاء على أمية الأطفال. وربما تتعجب إذا علمت أن هناك أكثر من مائة مليون طفل حول العالم محرومين من حقهم في التعليم, وأن نصيب الوطن العربي وحده حوالي عشرة ملايين من هؤلاء الأطفال, كما أن ثلثي هذا العدد من البنات.

القماش والقطن والأوراق والألوان وغيرها من الخامات البسيطة التي وفرتها المدرسة, هي مكونات العرائس التي اجتهدت الطالبات في صنعها. حتى يشاركن بمعرضهن في احتفال أسبوع (التعليم من أجل الجميع) الذي ينظمه اليونسكو تحت شعار (أرسل صديقي إلى المدرسة), حيث يساهم أكثر من 104 ملايين طفل من 150 دولة في هذا الحدث العالمي. وقد حضر افتتاح المعرض العديد من الشخصيات المهمة مثل السفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي للأمومة والطفولة, وهذا المجلس شريك أساسي في رعاية مثل هذه المدارس. وفتحي سعد محافظ الجيزة وهي المحافظة التي تقع فيها مدرسة (أبو صير). كما قام الضيوف بالتوقيع للطالبات على ظهر بعض العرائس.

وعندما انتهى العرض المسرحي القصير الجميل الذي قدمته الفتيات, وانتهى المصورون من التقاط الصور التي تسجل هذه اللحظات السعيدة حيث تحقق حلم هؤلاء الصغيرات في دخول المدرسة وهاهن يقمن بأنشطة مفيدة بجانب دراستهن. بدأت في التجول داخل الفصل الوحيد الذي تضمه المدرسة, فقابلت الأستاذة ميرفت عبد الهادي وهي إحدى ( المُيَسِّرات) أو المعلمات في المدرسة. ولكن كلمة الميسرات وكما تقول الأستاذة ميرفت جاءت لأن المعلمة تيسر استيعاب العلوم المختلفة على الأطفال. كما قالت أيضًا إن الميسرة لابد أن تحصل على دورات تدريبية متخصصة كي تتمكن من التدريس في المدارس صديقة الفتيات, لأن المنهج يحتوي على العديد من الأنشطة وأساليب التعليم غير التقليدية, التي تحتاج إليها الطالبات ليلحقن بزملائهن من طلاب المدارس العادية.

وأظنكم لن تندهشوا من أن هناك فتيات كثيرات في الفصل يتمنين أن يصبحن مدرسات عندما يكبرن, منهن مثلاً أميرة قدري - 13 سنة - التي قالت لي إنها تريد أن تكون مدرسة حتى تساعد كل من حرم من التعليم خصوصا الفتيات. ومنى صلاح وأمل عبد التواب - 12 سنة - اللتان ترغبان في أن تصبحا طبيبتين للأطفال وأمهات صالحات أيضا. أما مروه فستكون صحفية ونعمات مذيعة وابتسام محامية.

وكان اليوم سينتهي سعيدا لولا أن هناك بعض الفتيات اللاتي جئن لمشاهدة العرض, ولكنهن لم يشعرن بالفرح لأنهن مازلن محرومات من التعليم, فالمدرسة صديقة الفتيات مكونة من فصل واحد لا يستوعب إلا عددا قليلا من الطالبات يتراوح بين 24 و36 طالبة فقط. وهو ما يقف في سبيل التحاق هبه سمير - 10 سنوات - وإيمان حمدي - 11سنة - ووفاء جمعة - 12سنة - وغيرهن الكثيرات من بنات القرية - اللاتي لم يتمكن من الالتحاق بالمدرسة العادية أو بالمدرسة صديقة الفتيات.

وعندما سألت الميسرة ميرفت عن إمكانية التحاق هؤلاء الفتيات بالمدرسة قالت إن المدرسة سيكون بها أماكن لهن قريبا عندما تتخرج زميلاتهن وتذهبن إلى المدرسة الإعدادية, لأن المدرسة صديقة الفتيات تعمل بطريقة (الإسراع التعليمي) التي تعني تكثيف المواد الدراسية حتى تتمكن الطالبات من الانتهاء منها في وقت قصير. كما أن هناك مدارس جديدة في سبيلها إلى الإنشاء في إطار مبادرة تعليم البنات التي تستهدف المساواة بين البنين والبنات في التعليم قبل عام 2007م, وتستهدف أيضاً حصول كل الأطفال المصريين على حقهم في التعليم قبل عام 2015م. والآن سأطلب منكم أن تتوجهوا إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء أن يتحقق حلم كل طفل حول العالم في الالتحاق بالمدرسة, وأن تنتبهوا لدروسكم أيضا علكم تساعدون عندما تكبرون في مثل هذه المشروعات النبيلة.

 


 

أميرة غريب

 




صورة تذكارية للمبدعات الصغيرات أثناء المعرض





لقطة من المسرحية التي مثلتها الفتيات





جدار المواهب صنعته أيادي الصغيرات