العالم يتقدم

العالم يتقدم

لغز.. جوهرة المجموعة الشمسية

يتألق كوكب زحل في الفضاء وكأنه أحد الأحجار الكريمة الهائلة. ومن ثم يطلق عليه (جوهرة المجموعة الشمسية). وهذا الكوكب الغازي العملاق بغلاف جوه المثير وحلقاته الغامضة وواحد وثلاثين قمرًا تدور حوله يمثل لغزًا طالما حيّر علماء الفلك, ولهذا أرسلت إليه عدة مركبات فضائية لمحاولة الكشف عن أسراره كان آخرها المركبة الفضائية (كاسيني - هوجنز) التي تدور في الوقت الحاضر بالقرب منه.

زحل.. الكوكب الغامض

يبعد كوكب زحل عن الشمس بنحو 886.2 مليون كيلومتر ويبلغ قطره حوالي 120.000 كيلومتر وتصل درجة حرارة سطحه إلى 180 درجة مئوية تحت الصفر.

ويتكون الغلاف الجوي لزحل من حوالي 75% هيدروجين و25% هيليوم, ونسب طفيفة من مواد أخرى مثل الميثان والجليد. وهناك نطاقات عرضية موازية لخط استواء الكوكب, مما يدل على وجود رياح عنيفة. ويعد كوكب زحل أكثر الأجرام الفضائية تعرضًا للرياح في المجموعة الشمسية, إذ تبلغ سرعة الرياح به نحو 1800 كيلومتر في الساعة عند خط الاستواء. ومن وقت لآخر تثور عواصف ذات لون أبيض خلال طبقات السحب في غلافه الجوي, يزيد حجم كل منها على حجم كوكب الأرض! آخر تلك العواصف العاتية تم رصدها بتلسكوب الفضاء (هابل) عام 1994. كما تحدث عواصف أقل حجمًا تظهر كبقع معتمة, بدت واضحة في الصور التي التقطتها المركبة الفضائية (كاسيني - هوجنز) التي تدور في الوقت الحاضر حول كوكب زحل.

ويتحول غاز الهيدروجين, الذي يكوّن معظم الغلاف الجوي لزحل, ببطء إلى سائل مع العمق كلما زاد الضغط, وتحت الهيدروجين السائل يستقر الهيليوم السائل الأثقل وزنًا. أما في أعماق جسم زحل, فيتعرض الهيدروجين إلى ضغط مروّع ومن ثم يتحول إلى مادة معدنية سائلة. ويعتقد العلماء أن هناك قلبًا صخريًا كتلته عشرة أمثال كتلة كوكب الأرض, في مركز الكوكب.

ولطالما حيّرت حلقات زحل الفلكيين وأثارت تفكيرهم, منذ أن رآها جاليليو لأول مرة عام 1610م. وتمت الإشارة إلى تلك الحلقات بأسماء عبارة عن حروف وبترتيب اكتشاف كل منها. وهكذا فإن الحلقات الرئيسية التي تتجه إلى خارج الكوكب تعرف بالأسماء (C), (B), (A). وبالإضافة إلى ذلك تم حديثًا اكتشاف عدد من الحلقات الخافتة, فالحلقة (D) باهتة للغاية وأقرب إلى الكوكب. أما الحلقة (F) فهي ضيقة وتقع خارج الحلقة (A) مباشرة. وبعد ذلك توجد حلقتان أكثر خفوتًا تسميان (G), (E). وتتكون هذه الحلقات من جسيمات عبارة عن ماء متجمد تكون ضئيلة جدًا أو قد يصل طولها إلى عدة أمتار. وتظهر الحلقات قدرًا هائلاً من التكوينات الغريبة بكل المقاييس ومنها تموجات غير منتظمة لا تٌعرف طبيعتها. وهناك عدة أقمار صغيرة تدور بالقرب من هذه الحلقات وهي التي تحافظ - بجاذبيتها - على ثبات هذه الحلقات وكذلك استقرار الجسيمات بها, ومن ثم يطلق عليها (الأقمار الراعية). وكوكب زحل محاط بمجال مغناطيسي عملاق بامتداد محور دوران الكوكب حول نفسه, وقد يكون هو السبب في وجود تلك الخصائص الغريبة في الحلقات.

وأعجب ما في كوكب زحل أن قطبه الجنوبي أكثر مناطق الكوكب سخونة, والمفروض أن يكون أكثرها برودة مثل كواكب المجموعة الشمسية الأخرى! ويؤكد العلماء أن الزيادة الكبيرة والمفاجئة في درجة الحرارة في القطب الجنوبي لزحل غير عادية بالمرة. ولكن هناك أيضًا ظاهرة مثيرة غامضة عبارة عن بقعة داكنة عند قمة القطب الجنوبي لا يعرف الفلكيون ما سرها. ويأمل العلماء أن تنجح مركبة الفضاء (كاسيني - هوجنز) في إماطة اللثام عن كل هذه الألغاز.

 


 

رءوف وصفي