مايا... والمسحّراتي

مايا... والمسحّراتي

رسوم: صلاح بيصار

منذ بداية شهر رمضان الكريم ومايا تطلب من أمّها وأبيها أن يوقظاها عندما يأتي المسحّراتي في آخر الليل.

تقول لها أمّها: (ولكنك ما زلت صغيرة جداً, والصيام ليس مفروضاً عليك).

فتردّ مايا: (أنا لا أريد أن أصوم يا ماما, فقط أريد أن أرى المسحّراتي وأسمع صوت طبلته).

في السحر (أحد أوقات الليل) يأتي المسحّراتي, ويوقظ أهل الحيّ, منادياً (يا نايم وحّد الدايم (أي الله)), ويضرب على طبلته (دم دم دم). يستيقظ أهل مايا, ولكنهم يتركونها نائمة.

في الصباح تسأل مايا أمها: (لماذا لم توقظيني?).

تردّ الأم بحنان: (لقد كنت نائمة بهناء وعمق, خفت أن أوقظك وأقطع أحلامك السعيدة). تقول مايا بحزن: (ولكنني لم أكن أحلم أحلاماً سعيدة!).

مضت عشرة أيام من رمضان ومايا الصغيرة لم تر المسحّراتي بعد. رآها أخوها يوسف حزينةً فسألها عن السبب. قالت له: (لماذا ينادي المسحّراتي أولاد الجيران ولا يناديني? لماذا يناديك أنت وأنا لا?), أجاب يوسف: (لأنك أصغر الأولاد, ولا تصومين? كما يجب أن تنامي وترتاحي. ولكن لا تحزني سأطلب من المسحّراتي أن يوقظك, شرط أن تعودي الى النوم فوراً, كي تستيقظي باكراً في الصباح وتذهبي بنشاط الى المدرسة).

تلك الليلة سمعت مايا صوت طبلة, ففتحت عينيها, ثم سمعت المسحّراتي يقول: (يا مايا قومي إلى سحوركِ, أتى رمضان ليزورك). فرحت وقفزت من سريرها بسرعة. فتحت النافذة لترى المسحّراتي. لكنها لم تجده في الشارع. لقد ابتعد وانتقل إلى شارع آخر.

في الليلة التالية أيضًا عندما سمعت مايا المسحّراتي يناديها باسمها قامت بسرعة لتراه من النافذة, ولكنها لم تجده.مرّ أسبوع على هذه الحال. بقيت مايا تتساءل:

(أين يختفي المسحّراتي? ولماذا لا يسمح لي برؤيته?).

في صباح أحد الأيام خرج يوسف مسرعاً ليستقلّ باص المدرسة, ونسي خزانته مفتوحة. قبل أن تلحقه مايا, حاولت اقفال خزانته, فوجدت فيها طبلة صغيرة وعصا. انها كطبلة المسحّراتي التي رأتها مايا مرسومة في مجلة (العربي الصغير). ماذا تفعل هذه الطبلة في خزانة يوسف?

صحيح أن مايا فتاة صغيرة في الخامسة من العمر لكنها ذكية. وقد اكتشفت الأمر. لم تخبر أحداً أنها وجدت الطبلة. بل انتظرت حلول الليل.عندما سمعت المسحّراتي يناديها لم تتّجه إلى النافذة هذه المرّة, بل إلى الباب. فتحت باب غرفتها فوجدت يوسف حاملاً الطبلة خلف الباب.صاحت مايا: (كشفتك! هذا أنت! أنت الذي يوقظني وليس المسحّراتي!). عادت مايا الى سريرها وصارت تبكي.

في الليلة التالية, أيقظ يوسف أخته مايا, وطلب منها أن تنظر من النافذة.رأت مايا المسحّراتي واقفاً في الشارع, ينظر إليها, ثم سمعته يضرب على الطبلة ويقول بصوت قوي وجميل: (يا مايا قومي إلى سحوركِ, أتى رمضان ليزورك).

كادت مايا تطير من الفرح. وأخيراً تمكّنت من رؤية المسحراتي. وأخيراً ناداها المسحّراتي باسمها.لوّحت له بيدها, فلوّح لها وتابع سيره.

قالت مايا لأبويها وأخيها مبتسمةً:

(الآن فقط أستطيع أن أحلم أحلاماً سعيدة. تصبحون على خير).

 


 

بسمة الخطيب