الخطر الأصفر.. يغزو المدن

عندما تذهب في المرة القادمة إلى الشاطئ أو الصحراء, حيث توجد تلال الرمال التي يطلق عليها (الكثبان الرملية), تسلق أحدها وابق مكانك بلا حراك في موقع ثابت بالجانب خفيف الميل من الكثيب الرملي, المواجه للرياح. ولاحظ كيف تبدو حبات الرمال - التي دفعتها الرياح - وكأنها (تقفز) لسنتيمترات عدة فوق الكثيب, بحيث تلسع ذراعيك وساقيك, وفي هذه اللحظات يبدو لك سطح الكثيب الرملي متحركا باستمرار إلى القمة. ثم اصعد إلى قمة الكثيب, واركع على ركبتيك لكي تلاحظ ما يحدث بدقة. إن حبيبات الرمال التي يحملها الهواء - وتتراكم بامتداد المنحدر الوعر المحجوب عن الرياح - تسقط في انهمارات صغيرة جدا.

ابدأ في التحرك بامتداد الجانب المحجوب عن الرياح, ولاحظ كيف يتغير الهواء فجأة وخصوصًا أسفل قمة الكثيب مباشرة. إنك بهذا تكون قد شاهدت كيف تنمو الكثبان الرملية.

وهذا موضوع خطير في الدول التي يشكل فيها تقدم ونمو الكثبان الرملية الصحراوية, خطرًا دائما على البيئة السكنية والزراعية. فعلى سبيل المثال. في منطقة شمال الصين القاحلة, نجد أن الكثبان الرملية تتقدم باتجاه بعض القرى بمعدل يبلغ نحو عشرين مترًا في العام الواحد, كذلك فإن أجزاء من إفريقيا وآسيا مهددة بذلك الخطر الداهم, الذي يطلق عليه (التصحر), الذي يتلف المباني ويعيق أنشطة الحياة اليومية, وكذلك يدمر المحاصيل الزراعية ومن ثم يسبب خسائر فادحة.

ولكن كيف يتكون الكثيب الرملي?

في الأصل تتكون الكثبان الرملية بفعل الرياح. وتتعرض هذه الكثبان لتغيير مكانها وحجمها بناء على تفاعلها المتبادل مع الرياح, وهي تختلف في الشكل والحجم حسب طبيعة الرياح في المنطقة والكمية المتاحة من الرمال السائبة غير المحمية بالنباتات العالية. وتستمر عملية الترسيب بواسطة الرياح وتتزايد, حتى يصبح ارتفاع الكثيب الرملي عدة أمتار وقد يصل إلى مئات الأمتار.

ومعظم الكثبان الرملية لا تستقر في مكان ثابت ولكنها (تهاجر) ببطء, ويحدث هذا عندما تنقل الرياح الرمال من الجانب المواجه للرياح - عبر قمة الكثيب - وتسقطه على الجانب الآخر البعيد. وهكذا يتحرك الكثيب الرملي عندما تتكرر هذه العملية, في الاتجاه البعيد عن الرياح ومن ثم تغزو المناطق السكنية والحقول الزراعية وتسبب ظاهرة (التصحر).