الإسلام حضارة

الإسلام حضارة

رسوم : محمد يونس

فرحة العيد في بيت كل مسلم

ثلاثون يوماً مرت على المسلمين وهم في حالة من البهجة والاطمئنان لصيامهم شهر رمضان الكريم, يستغرق البعض في الدعاء إلى الله عز وجل, بينما يقرأ البعض الآخر آيات القرآن الكريم ويتعلم تجويده وتلاوته, حتى مرت الأيام بسرعة, ولكن الفرحة لا تزال ترتسم على وجوه الناس, والحب يملأ قلوبهم, والبِشْر سمة جميلة تظهر على وجوههم.. حيث يستقبل المسلمون عيد الفطر بعدما صاموا شهرا كاملاً.

يستقبلون عيدا مباركًا فيلبسون أزهى ملابسهم, ويبدأون يومهم بصلاة العيد, ويمارسون شعائرهم وعاداتهم الإسلامية, التي تقترب كثيرا من بعضها البعض.. سواء بالنسبة للعادات والشعائر التي كان يمارسها المسلمون في الماضى أو التي يمارسونها الآن بعد مرور السنوات وتتابعها.

عيد الفاطميين .. عيد الحُلل

في عصر الدولة الفاطمية كان عيد الفطر يسمى بعيد (الحُلل) لأن المسلم كان يقدم الحلل (جمع حُلة وهي الملابس الجديدة) صدقة لأخيه المسلم الفقير, الذي لا يمتلك مالا ينفق به على أولاده وزوجته, كما كان يوزع فيه الملابس على كل موظفي الدولة الفاطمية. كما كان من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر توزيع الحلوى على الناس, وقد أنشئ مطبخ مخصص لصناعة الحلوى أطلق عليه (دار الفطرة) في عهد الخليفة العزيز بالله, وكان يبدأ العمل في هذه الدار منذ نصف شهر رجب, أي قبل العيد بشهرين ونصف, لذلك كانت تخزن داخلها كميات هائلة من السكر والعسل واللوز والجوز والفستق والبندق والدقيق والتمر والزبيب والمواد العطرية في مخازن داخل دار الفطرة, وكان الخليفة يحضر بصحبة وزيره ليتابع بنفسه العمل بدءا من النصف الثاني من شهر رمضان, ثم يبدأ من هذا التاريخ توزيع الحلوى على جميع موظفى الدولة كبيرهم وصغيرهم في صوانٍ تحمل كل صينية اسم صاحبها, ويختلف حجم الصينية وكمية الحلوى حسب مكانة كل فرد, وكان يحمل هذه الحلوى فراشون مخصصون لهذا العمل يرتدون أحسن الثياب وأفخمها.

وقد بدأ الفاطميون احتفالهم الرسمي بهذا العيد منذ قدوم الخليفة المعز لدين الله سنة 362هـ حيث ركب في هذا العام لصلاة عيد الفطر إلى المصلى الذي يقع شرقي القصر الكبير, الذي بناه القائد جوهر لهذا الغرض.

عيد العثمانيين وفطائر الرحمة

وفي عصر الدولة العثمانية كان الاحتفال الرسمي بعيد الفطر يبدأ بعد أداء صلاة الفجر مباشرة, حيث يسير أمراء الدولة والقضاة في موكب إلى القلعة, متوجهين نحو جامع الناصر محمد بن قلاوون لأداء صلاة العيد ثم يصطفون لتهنئة الوالي. وفي اليوم التالي كان الوالي ينزل بنفسه للاحتفال الرسمي بالعيد في ميدان القلعة بالقاهرة, ويتقدم للتهنئة الأمراء وكبار رجال الدولة, وتقدم القهوة والحلوى والشربات, وتفوح روائح المسك والبخور ويأمر الوالي بالإفراج عن بعض المساجين.

كما كان الناس يسهرون ليلة العيد في ابتهاج وسرور, وقد أعدوا الكعك والحلوى لتقديمها للأهل والزوار, ويأخذ رب الأسرة زينته ويصطحب أولاده إلى المسجد لأداء صلاة العيد, كما اعتاد الناس زيارة المقابر للتصدق على أرواح موتاهم وإشعارهم بالأنس والمحبة, بينما يقوم الأبناء بتوزيع فطائر الرحمة وهي فطائر يتم تجهيزها منزليا, وتختلف كمياتها باختلاف سعة ذات اليد.

العيد في أوطاننا

وإذا كان العيد يختلف بعض الشيء من زمن لآخر فإن اختلاف البلدان وبعدها عن بعضها البعض , يجعلها تختلف وتتباين أيضاً في مظاهر احتفالاتها بالعيد, ففي المملكة العربية السعودية قبل أداء صلاة العيد بالمسجد الحرام تتعالى الأصوات بذكر الله, وبعد أداء الصلاة يتفرق الناس في جماعات عائدين إلى بيوتهم, حيث يفطرون ثم يخرجون ليزور الصغير الكبير ويتجمع الكل في بيت الأسرة الكبير, ويحرصون على أن يكون اليوم الأول للأهل والأقارب. وهو نفس ما يحدث في معظم الدول الإسلامية اليوم, وخلال اللقاء الحميم مع الأهل يتم تقديم القهوة والشاي أو العصير أو الماء المبرد وتقدم ثلاثة صحون عليها بعض من المكسرات والحلوى المشكلة, يتناول الضيوف ما يريدون ثم يقوم صاحب البيت بتغطية الأطباق بقطعة جميلة من القماش حواشيها مطرزة بخيوط ذهبية.

 


 

هيثم صبري