أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء
        

          إنها تجربة حقيقية عن الأمل والحلم، وهي توضح لنا أن الظروف مهما كانت قاسية فإن إرادة الإنسان كفيلة بالتغلب عليها، هذا هو ماتعلمنا إياه قصة الشاب الكيني سامي جيتاو الذي حصل أخيرًا على درجة  الماجستير من جامعة مانشستر في بريطانيا، لقد كان سامي واحدًا من الأطفال في ضواحي نيروبي الفقيرة، وكان الحي من حوله مملوءًا بالمجرمين والمتشردين وبائعي المخدرات، مات أبوه بسبب حرب العصابات فيما بينها،  وذات يوم بينما كان يبحث في القمامة عن قطع من المعدن ليبيعها، وجد كتابًا عن جامعة مانشستر، كان يحتوي على صور ساحرة لمباني الجامعة، والطلاب المبتسمين، وقاعات التدريس والمكتبة والمعامل. أيقظ هذا الكتاب كل ما في صدره من شوق للتعلم، والتغلب على الحياة الوضيعة التي يعيشها، قرر سامي ان يعمل وأن يدرس في الوقت نفسه، ومع مرور الأيام كبر حلمه ليتوق إلى الالتحاق بهذه الجامعة، وعمل في أحط الأعمال حتى يستطيع أن ينفق على نفسه، ولكنه لم يتوقف عن الدرس يومًا واحدًا، قرأ كثيرًا من الكتب الإنجليزية التي توافرت لديه، والأهم من ذلك أنه استطاع أن يحفظ المواد التي تؤهله لدخول جامعة مانشستر، وبالنسبة إلى هذه الجامعة العريقة، فإنها كانت المرة الأولى التي تقبل فيها طالبا لا يحمل أي مؤهل دراسي، كل ماكان يملكه هو ذهن متوقد، وحلم كبير. لقد استطاع أن يظفر بمنحة دراسية من الجامعة ساعدته على تحقيق هذا الحلم،  وعندما بلغ الخامسة والثلاثين من عمره استطاع أن يتخرج حاملا درجة الماجستير، ولكن حلمه مازال كبيرًا فهو يريد أن يمد يده لكل الأطفال المشردين في أحياء نيروبي الفقيرة، ويسعى من خلال مشروع إنساني دولي  إلى مساعدة عشرين ألف طفل وتوفير التعليم وسبل الحياة الكريمة لهم، وهو يقول: لا أريد أن أرى المآسي التي تعرضت لها في طفولتي تحدث للآخرين. إنه درس لنا جميعًا حتى نعرف قدرة الإرادة البشرية.

 


 

سليمان العسكري   

 




صورة الغلاف