العصفور الأخضر (حكاية شعبية من البرتغال)

العصفور الأخضر (حكاية شعبية من البرتغال)
        

للكاتب البرتغالي: توماس بيريس
ترجمها: محمد إبراهيم مبروك
رسوم: رباب حاكم

          كان هناك ملكٌ وملكة، وكانت لهما ابنةٌ لم تكن أحبت أبدًا، والتسليةُ الوحيدة لها كانت قضاء اليوم كله في الشرفة.

          وفي أحد الأيامِ، كانت في الشرفةِ عندما مرّ سربٌ من عصافير كان يقترب منها، ومن بينها رأت عصفورًا أخضر، رأته وهو يترك السربَ ويحطُ على سور الشرفة ويبدأ في ملاعبةِ الأميرةِ التي كانت تمشّط شعرَها، وقبل أن تربط شعرها خطف رباط شعرها وفر طائرًا، والأميرة انفجرت ضاحكة من ذلك.

          وفي اليوم التالي، وكان الوقت مازال مبكرًا جدًا، كانت في الشرفة تنتظر العصفورَ الذي أتى وحط على سور الشرفة، ثم خطف منديلها وطار، لكنه لم يظهر بعدها.

          وغرقت الأميرةُ في حزنٍ عميق فلم تعد تخرج إلى الشرفة، بل ولا من غرفتها.

          واضطر الملكُ أن يأمر المنادي بأن ينادي بأن كل من سيجعل الأميرة تضحك سيوصي له الملك بأكثر مما يتمناه. لكن لا أحد استطاع أن يجعلها تضحك.

          وفي يوم حضر إلى القصرِ رجلٌ مسن، وأخذ يدور حول سريرِ الأميرة وهو يقول لها كلامًا ظريفًا، أو نكتة قد تعجبها فتضحك، لكنها كانت شديدة الضيق بكل شيء، وأمرت الخدم بأن يخرجوه من الغرفة.

          وعاد العجوز إلى بيته وسألته زوجته:

          - هل استطعت أن تُضحك الأميرة؟

          - لا ضحكت ولا يحزنون.

          - إذن سأذهب لها غدًا.

          خرجت المرأةُ العجوز في اليومِ التالي قاصدةً القصرَ، وفي طريقها صادفها سورٌ خرب محاط بحفر كثيرة.

          - أي شياطين سيكونون ساكنين هنا؟ ومن منهم الذي فعل ذلك؟! وفكرت العجوز... «دعونا نرى، وما سأعمله للأميرة، سوف أعمله».

          ولما وصلت إلى السورِ وطلت عليه ونظرت إلى أسفل، رأت سربًا من العصافير، وهو يقترب ويحوم من بينها عصفور أخضر يقول:

          رباط شعر، ومنديل، ومشط فمن يقدم لي جميلاً الآن بأن ألقي نظرة واحدة على تلك الغائبة عني!

          ثلاث مرات أرج القصر والقصر لا يرتج.

          وما إن سمعت المرأةُ العجوزُ هذا الكلامَ حتى جرت مسرعةً إلى أن وصلت إلى القصر، وطلبت الإذن بالدخول. وما إن دخلت حتى بدأت تدور حول سرير الأميرةِ وهي تلقي بالنكات التي لم تجعل الأميرة تضحك، إلا أنها تذكرت ما حدث عند السور فقالت:

          - يا أميرة سأحكي لك شيئًا.

          وبدأت تروي لها ما رأته، وعندها أخذت الأميرة تضحك وقالت:

          -- استمري واحكي أيتها السيدة الطيبة.

          وبعدها وعلى الفور بدأت تقرع الأجراس ناشرة الفرحة بأن الأميرة تكلمت. وبعد ذلك قالت للمرأة العجوز:

          - خذيني إلى هذا السور.

          وذهبت إلى هناك.

          وهناك ألقت الأميرةُ نظرةً واحدةً إلى أسفل فرأت سربَ العصافيرِ يقترب وكان من بينها العصفورُ الأخضرُ، الذي كان يقول:

          رباط شعر، ومنديل، ومشط

          فمن يقدم لي جميلاً الآن بأن ألقي نظرة واحدة على تلك الغائبة عني!

          ثلاث مرات أرج القصر والقصر لا يرتج

          وهل ماتت الأميرة أم أنها مازالت موجودة؟... وردت الأميرة عليه:

          - أنا موجودة.

          وأثناء ذلك سُمع صوت انهيار هائل، والعصفور انفك سحره، وعاد كما كان أميرًا وتزوج الأميرة.

          أما المرأة العجوز فقد بقيت معهما في القصر.