الحَمْلُ والثّعْلبُ الصّغيرُ (هدية العدد)

الحَمْلُ والثّعْلبُ الصّغيرُ (هدية العدد)
        

رسوم: صفاء نبعة

          شارفت الشمسُ على المغيبِ، فأطلق الراعي ألحانَ نايه، ليلملمَ شملَ القطيعِ المتناثرِ في أرجاءِ الوادي.

          تنبّهت الأغنامُ لدعوة الراعي، فتوجهت نحو مصدرِ الصوتِ لتمشي وراءَ الراعي في أرتالٍ طويلةٍ، فتعالى الثغاءُ استجابةً للدعوةِ خوفًا من روائحِ الوحوشِ القادمةِ من أعماقِ الوادي السحيقِ. كانت كلُّ غنمة تتفقدُ ولدَها استعدادًا للعودةِ إلى الحظيرةِ الآمنةِ، بينما الراعي مسترسلٌ في عزفِهِ، حاثًا القطيع على التجمعِ بعد عناءِ يومٍ طويلٍ، فكأنه يقولُ لها: كفاكم طعامًا هذا اليوم، فأنا اشتقتُ إلى طبقِ زوجتي الشهيّ، وإلى مداعبةِ طفلي الصغير الذي مازالَ يحبو على أربعٍ.

          هزّت الأغنامُ رؤوسها موافقةً، فتوقف الراعي عن العزفِ، وابتسم مطمئنًا وراضيًا، لكنه تنبّه فجأةً لعدم سماعه صوتَ الجرسِ النحاسي الذي علّقته زوجتُه في رقبةِ «صبحة». 

          صعد إلى صخرةٍ عاليةٍ، تطلُّ على الوادي، ونادى بأعلى صوتِهِ يا «صبحى آآآآ».

          تردّد الصدى في أرجاءِ الوادي، وبعد برهةٍ قصيرةٍ سمع صوتَ جرسِ «صبحة» وبحة صوتها الحزينِ من بعيدٍ.

          تحفّزت الأغنامُ وتجمدت في مكانِها، وقد شعرت بالخطرِ. سار الراعي باتجاه الصوت ثم اعتلى إحدى الصخورِ العاليةِ، فرأى «صبحة» قادمةً من بعيدٍ وحيدةً. عندها تيقن أن مكروهًا قد أصابَ وليدَها. هرع راكضًا لنجدتِها فوجد الدموعَ تنسكبُ من عينيها.

          أصيب الراعي بحزنٍ شديدٍ، سألها بصوتِهِ الأجشِ: أين ولدك يا «صبحة»؟

          تلفتت الأمُ الحزينةُ بحيرةٍ وقالت: لقد ظننتُ أنه يلعب مع أصدقائِهِ لكنه اختفى فجأةً في غفلةٍ عني. لم يفهم الراعي ثغاءَ «صبحة» الحزينِ. فقال لها مؤنبًا: كان عليك أن تكوني أكثر انتباهًا. سارع الراعي للبحثِ عن الحملِ الصغيرِ ورأى الصخورَ القريبةَ، ولم يتجرّأ على الابتعادِ لأن الظلامَ كان يهبطُ شيئًا فشيئًا على أصقاع الوادي. 

          تنهّد حزينًا لحـــال صبحة وقال لهـــا مواسيًا: تعــالي يا عزيزتي فالبحث في الظلامِ لا يجدي نفعًا، سنكمل البحثَ عنه في صباحِ الغدِ، لا تقلقي كثيرًا لأن حملك الصغيرِ يتمتع بالذكاءِ وحسن التصرّف. أما ما حدث مع الحملِ الصغيرِ، فإنه غريبٌ حقًا.

          كان يلعبُ مع رفاقِهِ الحملان لعبةَ الاختفاءِ وراءَ الصخورِ، ولأنه كان مغرورًا، فقد أراد أن يثبت لرفاقِهِ الحملان أنه أكثرهم قدرةً على تسلّقِ الصخورِ العاليةِ.

          صعد لاهثًا إلى صخرةٍ كبيرةٍ تقبعُ على رأسِ التلةِ، وجلسَ في ظلها ليستريحَ من عناءِ الصعودِ، وإذا به يرى كائنًا صغيرًا لا يشبهه، ذُعر كلٌّ منهما وتراجع إلى الوراءِ.

          أخذ كل منهما يحدّق بالآخر، وبعد لحظاتٍ استجمع الحملُ شجاعته، وسأل الآخر: من أنت؟!

          إنك لا تشبهني! فأجاب الآخرَ: أنا الثعلبُ الصغيرُ، أسكنُ قريبًا من هنا.

          وأنتَ من تكون؟

          أنا الحملُ المدللُ، جئت مع أمي لأرعى هنا وألعب مع الحملانِ في المرعى. 

          صرخ الثعلبُ الصغيرُ متعجبًا: رداؤك جميلٌ!

          أجابهُ الحملُ: وأنت أيضًا، هل تسمح لي أن ألمسَه؟

          قالَ الثعلبُ الصغيرُ بثقةٍ: ولم لا؟ وأنا أريد تلمس ردائكَ أيضًا.

          راح كلٌّ منهما يتلمسُّ الآخرَ، في البدايةِ أحسَّ كلُّ منهما برائحةٍ غريبةٍ.

          قال الحملُ: رائحتك غريبة، فأجابه الثعلبُ الصغيرُ: ورائحتك أيضًا.

          حدّق كل منهما طويلاً بالآخر، ثم انفجرا بالضحكِ.

          قال الحملُ: تعال نلعب قليلاً.

          وافقَ الثعلبُ الصغيرُ دون تردد، سعيدًا بصديقهِ الجديدِ.

          راحا يلعبان ويقفزان بمرحٍ  حتى أصابهما التعبُ، تمدّدا في ظلِّ الصخرةِ الكبيرةِ منتشيين.

          قال الثعلبُ الصغيرُ: من أي شيءٍ صُنع رداؤُك الجميلُ؟

          تردّد الحملُ بالإجابةِ، لكنه تذكّر الجوابَ سريعًا.

          قالت لي أمي: إنه يسمى «الصوف».

          وهو يطول كثيرًا.

          ورداؤك؟

          كانت إجابةُ الثعلب الصغير جاهزةً: أما عندنا نحن الثعالبُ فيسمونه فراءً وهو دافئ جدًا.

          لكن انظر إلى ذنبي، إنه أطولُ من ذنبك.

          بدأَ الحملُ يحملقُ بذنبِ الثعلبِ الصغيرِ، الذي راح يحرّكه برشاقةٍ.

          إنه جميلٌ، قال الحملُ: دعني أمسك به. 

          اقترب من ذنبِ الثعلبِ الصغيرِ وشدّه بقوةٍ، فصرخَ الثعلبُ وهو يقفزُ في الهواءِ مما جعل الحملَ يضحكُ من حركتِهِ السريعةِ، ثم استغرقا باللهوِ واللعبِ، فجأةً توقف الحملُ عن اللعبِ متذكرًا أمه وموعد العودةِ إلى الحظيرةِ.

          قال لصديقِهِ بصوتٍ يتملكه الخوفَ: يجب أن أعود إلى أمي، ستقلق لغيابي.

          وأنا أيضًا، قال الثعلبُ الصغيرُ: لقد حان خروج أمي وأبي من البيتِ، ولابد لي أن أكون هناك في مثلِ هذا الوقتِ.

          عاد الاثنان إلى المكانِ الذي تعارفا فيه، فلم يجدا أحدًا.

          بكى الحملُ بحرقةٍ وراح ينادي أمه، أما الثعلب الصغير فأدمع الحزنُ عينيه تأثرًا على صديقِهِ. 

          لكنه سرعان ما اقتربَ منه وداعبه بلطفٍ ثم قال: لا تحزن يا صديقي، ستبيت الليلةَ عندي، وغدًا مع بزوغِ الفجرِ ستكون هنا, لنفاجئ أمكَ قبلَ وصولها إلى المرعى.

          كفكف الحملُ دموعَه وشعر بدفءٍ وفرحٍ عميقين لمداعبِة صديقه له.

          اتجه الصديقان إلى بيتِ الثعلبِ الصغيرِ بنشاطٍ وحيويةٍ، لا يخلوان من بعضِ الخوفِ لبدءِ حلولِ الظلامِ.

          أثناء اقترابهما من المغارةِ، كانت تُسمع أصواتُ الثعالب الكبيرة.

          فتوقف الحملُ مذعورًا، لكن الثعلبَ الصغيرَ طمأنه قائلاً: لا تخف يا صديقي إنه صوتُ والديّ القلقين لغيابي. 

          كان وصولُ الثعلبِ الصغيرِ برفقةِ حملٍ مفاجأةً مدهشةً للثعلبِ الأمِ والأبِ، مما جعلهما يتسمران في مكانهما بعيونٍ متوهجةٍ كالجمرِ وأفواهٍ مفتوحةٍ كمدخلِ مغارةٍ مظلمةٍ.

          سال لعابُ الثعلبِ الأب من بين فكيه وهو يتخيلُّ كيف سيأكلَ الوجبةَ الدسمةَ التي جاء بها الابنُ الذكيُّ.

          في هذه الأثناءِ كان الحملُ ملتصقًا بالثعلبِ الصغيرِ الذي ارتسمت على وجهِهِ علائمُ الدهشةِ والاستغرابِ لموقفِ والديهِ.

          اعتذرَ من أبويهِ لتأخره، وشرحَ لهما قصةَ صديقِهِ الحمل، وبأنه سيحلُّ ضيفًا في مغارتِهم إلى يوم الغدِ.

          أجاب الثعلبُ الأب بخبثٍ: «على الرحبِ والسعةِ». أما الثعلبُ الأمُ فراحت تتمتمُ بمكرٍ «أهلاً بالضيفِ العزيزِ» ثم أردفت قائلةً: ادخلا واستريحا قليلاً ريثما أجهز القدور لتحضيرِ عشاءٍ لذيذٍ لم نذقه في حياتنا، احتفاءً بالضيفِ، أليس كذلك يا زوجي؟

          هزّ الثعلبُ الأبُ رأسَه موافقًا، واقتربَ من الحملِ ممسكًا به، وأسنانه يصطك بعضُها ببعضٍ «طبعًا... طبعًا تفضّل يا عزيزي».

          صرخ الحملُ متألمًا وارتجفت أوصالَه من شدّةِ الخوفِ، شامًا رائحةَ الافتراسِ في أنفاسِ الثعلبِ الماكرِ.

          أسرعَ الثعلبُ الصغيرُ لنجدةِ صديقِه، كي يهدئ من روعِهِ، وهمسَ له مبتسمًا «لا تخف إن أبي يمازحك».

          قاده إلى ركنِهِ الدافئ في عمقِ المغارةِ، فلحقَ الحملُ بصديقِهِ، ولكنه لم يستطع نسيان أنيابِ الثعلبِ الأبِ المخيفةِ، والألم الذي سببه له. 

          لكن معاملةَ صديقه الطيبة جعلته يهدأ قليلاً.

          في ركنِ المغارةِ البعيدِ وقف الحملُ شاردًا، متذكرًا حضن أمه وحظيرتهم الدافئةِ.

          أدركَ الثعلبُ الصغيرُ سبب شرود صديقه، ابتسم له وطلب منه أن يستريحَ قليلاً، ريثما يساعد أمَه في إعدادِ العشاءِ.

          اقتربَ الثعلبُ الصغيرُ من ركنِ أبويهِ، لكنه توقف فجأةً لدى سماعه حديثًا عن لحمِ الحملانِ وخططًا لافتراسِ صديقِهِ الحملِ في غفلةٍ منه.

          كانت الثعلب الأمُ تقول ساخرةً: «مللتُ أكلَ الدجاجِ، الابنُ يصيدُ الحملانَ والأبُ يصيدُ الدجاجَ الفطسانَ».

          قاطعها الثعلبُ الأبُ بغضبٍ: «لا تذكري سيرةَ الدجاج الفطسان على لسانك، حتى لا أفقد شهيتي».

          قال ذلك واصطكت أنيابُهُ وضربَ على بطنِهِ منتشيًا وهو يهمهمُ «المهم أن العشاءَ دسمٌ هذه الليلة».

          سمع الثعلبُ الصغيرُ مؤامرةَ والديهِ، فأصيب بقلقٍ شديدٍ على صديقِهِ. انطلق مسرعًا إلى الحملِ الذي كان يغطُّ في نومِهِ. 

          أيقظه الثعلبُ الصغيرُ برفقٍ، واضعًا يده على شفتيهِ مما جعل الآخرَ يصابُ بالدهشةِ، وكان على وشكِ الصراخِ حين همسَ له الثعلبُ بصوتٍ منخفضٍ: بسرعةٍ، سأخبرك فيما بعد، اتبعني بهدوءٍ. ولحق الحملُ صديقه متراخيًا، ظانًا منه أن الثعلبَ سيقوده إلى مكانِ اللهوِ واللعبِ. فقال متكاسلاً: «هذا ليس وقت اللعبِ، دعنا نعدُ للنومِ، ثم إن هذا النفق مظلمٌ ومخيفٌ و...».

          أسكتهُ الثعلبُ مؤنبًا: «لا ترفع صوتكَ، هذا النفق يقودُ إلى خارجِ المغارةِ، إنني أستخدمه كلما أردت الخروج».

          حين وصل الصديق خارج المغارةِ، كان الظلامُ يخيّمُ على البراري الشاسعةِ.

          همسَ الحملُ خائفًا: «دعنا نعد أرجوك، أريد أمي...».

          فطمأنه الثعلبُ قائلاً: «تعال معي... أسرع قليلاً سأخبرك القصةَ في ما بعد».

          مشيا طويلاً إلى أن ابتعدا عن المغارةِ.

          أخذا قسطًا من الراحةِ، ثم تابعا السيرَ. 

          أما والدا الثعلب الصغير، فقد نفد صبرُهما، وقررا عدم الانتظارِ ليرقد الحملُ.

          وبصوتٍ من الثعلبِ الأم، دعت الجيران للوليمةِ الدسمةِ، ليس كرمًا منها، بل للتفاخرِ بصيدِ ولدها. بإشارةٍ من الأبِ الثعلب، دخل الجميعُ للانقضاض على الحملِ.

          كان وقعُ المفاجأةِ كبيرًا عندما وجدوا المكانَ فارغًا، فتشوا المغارةَ شبرًا شبرًا، ولم تسعفهم حاسّة الشمِّ القويةُ لإيجادِ الحملِ.

          أصيب الأبُ بصدمةٍ، ووقع أرضًا وسط غمزِ وسخريةِ الجيرانِ، لكن الأمُ تذكرت ولدَها وراحت تناديه بلهفةٍ.

          وقبل خروجها من المغارةِ اقتربت من زوجِها المغمى عليه، وعضته من أذنِهِ كي يستيقظ ويساعدها في البحثِ عن ولدِهما المفقودِ.

          انتشرت الثعالبُ خارج المغارةِ، ينادون الثعلبَ الصغيرَ بأعلى أصواتِهم.

          بينما الثعلبُ الأمُ راحت تنادي ابنَها من سطحِ المغارةِ، لكن دون جدوى.

          بكت الأمُّ ولطمت وجهَها بقوةٍ، مؤنبةً نفسها وهي تردد: «لقد فقدنا ولدَنا بسبب سوءِ نيتنا وطمعنا ومكرنا». 

          عندما أرسلت الشمسُ أول خيوطها الذهبيةَ إلى الأرضِ، كان الصديقان قد وصلا إلى المرعى الذي التقيا فيه.

          استلقيا على العشبِ بكل ثقلِهما، بعد أن هدّهما التعبُ والخوفُ، كل هذا لم ينس الحملُ سؤال صديقَه عن الذي حصل.

          حاول الثعلبُ أن يتهرّب من الإجابةِ، لأنه كان يشعر بحزنٍ شديدٍ لحالِ والديهِ، لكن الحملَ كان فضوليًا بحيث إنه لم يكف عن السؤالِ. تنهد الثعلبُ بحزنٍ، وقال لصديقِهِ:

          «أنا حزينٌ... وأشعر بالخجلِ، لمؤامرةِ والدي، لكن علي إخبارك بالحقيقةِ».

          قال الحملُ مستغربًا: «أي مؤامرةً، وأي حقيقةً؟!».

          فردّ الثعلبُ بارتياحٍ: «اسمع يا صديقي، لولا هروبنا ليلةَ البارحةِ، لكنت الآن في بطونِ الثعالبِ الكبيرةِ».

          نسي الحملُ تعبَه ونهض واقفًا وهو يتساءلُ:

          «لم أفهمْ، يأكلونني!؟ لماذا؟! العشبُ كثيرٌ في كل مكانٍ...».

          نظر الثعلبُ الصغيرُ إلى صديقِهِ مبتسمًا، ثم قال: «الثعالبُ لا تأكل العشبَ، لكن الشيء الذي يحزنني أنني قدمتك لهم كصديقٍ لي، والصديق لا يجوز أن يغدر بصديقِهِ». 

          اقترب الحملُ وقال له مواسيًا وقد أحسّ بوفاء صديقه وحزنِه الشديدِ: «خفف عنك يا صديقي، ها قد نجوت، والفضلُ يعود في ذلك للصداقةِ».

          وقفزَ قفزتين رشيقتين في الهواءِ، وهو يضحكُ سعيدًا بنجاتِهِ من الموتِ.

          قال ممتنًا: لن أنسى لك هذا المعروف يا عزيزي.

          تعانق الصديقان بودّ. ققز الحملُ بحركةٍ مفاجئةٍ وهو يعلن عن فكرةٍ خطرت له: «ما رأيك في أن تعيش معي، فحظيرتنا دافئةٌ وآمنةٌ، سنلعب ونمرح معًا، نحن معشر الأغنامِ نأكلُ العشبَ فقط».

          شكره الثعلبُ الصغيرُ وقال: «لا أستطيع ذلك، سأعود إلى بيتِنا كي لا تقلق أمي لغيابي».

          تعانق الصديقان بحرارةٍ، في الوقتِ نفسِهِ كانت تسمعُ أصواتَ ثغاءِ الأغنامِ. 

          استطاع الحملُ أن يميز صوت «صبحة» الأم وجرسها النحاسي، وهو يصدحُ في أرجاءِ الوادي، فصرخَ بلهفةٍ: «هذه أمي حبيبتي، أنا ذاهبٌ،  شكرًا لك، سنلتقي في هذا المكانِ إذا أردت..».

          وراح يركض باتجاه الصوت، بينما كان الثعلب يلوح له من بعيد صارخًا «إلى اللقاء يا صديقي، إلى اللقاء».

          شمت «صبحة» رائحةَ حملِها المدللِ، وسمعت ثغاءه الناعم، فهرولت للقائه، وحين وصلت إليه، توقف القطيع، والتفت الأغنام حول الأم وولدها ثم تعالى ثغاؤها مهنئةً الأم بنجاة ولدها من أنياب الوحوش.

          أطلقت الأمٌّ «صبحة» صوتًا ملؤه النشوةُ والفرحُ، بينما كان الراعي يراقب ما يحدث سعيدًا، متذكرًا ولده الصغيرِ.

          وضع نايه على شفتيهِ، وأغمضَ عينيه منتشيًا، فصدح صوتُ الناي الشجي في أرجاء الوادي.

          بينما الثعلبُ الصغيرُ يحثُّ الخطى عائدًا إلى والديهِ كي لايزيد من قلقهما.

 


 

سلمان صيموعة   

 




غلاف هدية العدد