كل شيء يرقص حولنا

كل شيء يرقص حولنا
        

قصة: روسالي إيزنشتاين
ترجمة: حسن نور
رسم : سمير عبد المنعم

          قال «تيم» الصغيرُ لأمه بحزن وهو يرى أختَه التي تكبره تلبس حذاءَ الرقصِ: إنه ليس عدلاً، أنا أيضًا أريد حذاءً لأذهب به إلى دروسِ الرقص مثل أختي.

          قالت له أمُّه: إن قدميك صغيرتان للغاية، ولن نجدَ لأمثالهما أحذيةً للرقص، ولكن هل تعلم يا بني أنك لا تحتاج إلى الدرسِ في الرقصِ، لأن الرقصَ موجودٌ في كلِّ مكانٍ وحيثما كنت.

          خرج «تيم» بعد ذلك إلى الحديقةِ حيث كانت أشعة الشمسِ تسقط فوق الحشائش، فأحالت أطرافها المتماوجة بفعل الهواءِ إلى نهرٍ من الفضةِ المخضرة، ثم تستغرق في الرقص فوق الحشائش التي سقطت فوقها.

          حينذاك قال «تيم»: فلأرقص معها رقصةَ الشمس، ثم راح يرقصها نشوان، فرحًا رقصة الشمس.

          وما إن تراكمت السحبُ فوق صفحةِ السماء حتى بدت كأنها ترقصُ على سطحها، فلما رآها «تيم» هكذا صاح فرحًا: السحب ترقص فوق صفحة السماء، سأرقص معها رقصةَ السحاب.

          ثم راح يتقافز قفزاتٍ رشيقةً، خفيفة، مرحة كما لو كان سحابًا يرقص في الفضاءِ.

          بعد قليل هبّت عاصفةٌ قويةٌ لتهز أوراقَ الشجر وقممَ الحشائش الكثيرة، فما إن رآها «تيم» حتى قال: والآن الريحُ تَرقص، فلأرقص معها رقصة الرياح.

          وما إن هدأت وسكنت حتى بدأت قطراتٌ من الأمطارِ تسقط من السماء، نظر «تيم» إلى المطر وقال: حتى المطر يرقص، لأرقص معه رقصة المطر.

          ثم راح يتقافز حول نفسه، يضحك ويقهقه وهو يقول: والآن رقصة المطر.

          في هذه الآونة نظرت أمه من خلال نافذتها لتقول له: تعال يا «تيم».. ادخل حتى لا تبتل.

          ولما جاء المساءُ أطل «تيم» من نافذةِ حجرته إلى السماء فرأى النجومَ ترقص، فراح يرقص رقصةَ النجومِ التي تدور بسرعة وهو يقول لأمه:

          لقد كنتِ على حقٍ يا أمي حين قلت: إن الرقصَ في كل مكانٍ وحيثما يكون الإنسانُ، إذ إن كل شيء يرقص حوله.