أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء

في كلِّ مرة أسافر أحرصُ على أن آخذ معي على الطائرة كتابًا أو أكثر حسب المسافة التي ستستغرقها الرحلة الجوية. أعلمُ أن الكتابَ هو الصديقُ المثالي، فلن يثرثرَ حين أحتاجُ إلى الهدوء، ولن يغلقَ غلافيه حين أريدُ أن أستفيدَ من علوم وفنون وآداب صفحاتِهِ. الكتابُ الجيدُ يعطيني معرفة أريدُها، ومتعة في القراءةِ أبحثُ عنها، وشيئًا جديدًا أنتفعُ به.

ولكنني أتحدثُ عن الكتاب الجيدِ، فهل هناك كتب غير ذلك؟

نعم، هناك كتبٌ كثيرة لا تستحق مني أو من عائلتكم أيها الأعزاء أن تنفقوا مالا لشرائها:

إنها الكُتب التي تضيع الوقت دون فائدة، وهي الكتبُ التي تمتلئ بعبارات مسيئة وصور سيئة، كما أنها الكتب التي تتحدث بلغة عامية تنسينا قواعد لغتنا الجميلة والفصيحة، وهي كذلك الكتب التي تنشر الشائعات، والأكاذيب. هذه الكتب وما يماثلها لا تستحق الاهتمام. إنها مثل أصدقاء السوء، علينا أن نتجنب التعامل معهم، والاحتكاك بهم.

لم تعد الكتب مجرد صفحات لملء وقت الفراغ، فالوقت ثمين، وليس هناك فراغ به، فكل الوقت المخصص للقراءة مهم، ويجب ألا ننفق وقتنا في قراءة لا تضيف شيئًا.

في المرة القادمة التي تذهبون فيها إلى معرض للكتاب في بلادكم ابحثوا عن صديق مخلص بين الكتب.

ابحثوا عن صديق يحكي لكم تاريخ بلادكم وتواريخ بلدان العالم، حاولوا أن تجدوا صديقًا يقص عليكم حكايات من وطنكم وروايات من أوطان الدنيا، واحرصوا على لقاء صديق يكشف لكم علومًا تقدم بها الآخرون، وفنوناً جميلة تميز بها سوانا، فهؤلاء هم الأصدقاء المخلصون.

كما أريد منكم أن تتبادلوا مع أصدقائكم الكتبَ الجميلة، كما تتبادل الأشجار العصافير، لتظل أصواتها وألحانها تشدو في سماء بستان الحياة.

 


 

سليمان العسكري

 




صورة الغلاف