العالم يتقدم.. الاكتشاف المذهل في سلة الزهور الرائعة.. رؤوف وصفي

العالم يتقدم.. الاكتشاف المذهل في سلة الزهور الرائعة.. رؤوف وصفي

في أعماق المحيط، اكتشف العلماء أخيراً كائناً بحرياً عجيباً.. إنه الإسفنج الضوئي أو كما أطلق عليه «سلة الزهور الرائعة» بسبب شكله الجميل الذي يظهر به، وكذلك للأضواء التي تشع منه، فيشبه الزهور عندما تنعكس عليها أشعة الشمس فوق اليابسة.

إسفنج.. بألوان الطيف

وبلا شك أنك تعرف الإسفنج الذي له استخدامات عديدة، منها أنه يستعمل في الاستحمام ومسح السبورة في قاعة الدراسة وتنظيف الأحذية وغير ذلك. والإسفنج كائن بحري يتكون جسمه من خلايا صغيرة جداً، توزع العمل فيما بينها، بعضها يحصل على الغذاء والأكسجين وبعضها يعمل كجلد وبعضها كلحم.. ويحوي اللحم الجزء الذي يعمل كهيكل، وهو الذي يقوى الخلايا ويعطي لكتلتها كلها الشكل الذي يتخذه الإسفنج. فقد يكون على شكل وعاء أو كرة أو حبل أو شجرة أو غير ذلك من الأشكال. وربما يتخذ الإسفنج اللون الأحمر أو الأصفر أو الأخضر أو الارجوانى أو الأسود، أو ربما كل ألوان الطيف. وينتشر الإسفنج على سطح صخرة أو صدفة قوقع بحري. وهناك آلاف الأنواع من الإسفنج، معظمها يعيش في مياه البحار والمحيطات وتستوطن أنواع نادرة منه المياه العذبة كالأنهار. ويرجع تاريخ الإسفنج إلى نحو 400 مليون سنة.

ويتميز إسفنج «سلة الزهور الرائعة» بهياكل من أشواك دقيقة مجوفة وشفافة كالزجاج من الجير (أكسيد الكالسيوم) أو من السيليكا (ثاني أكسيد السليكون) والمادتين تستخدمان في صناعة الزجاج. وهذه الأشواك الدقيقة والقوية هي التي تثبت الإسفنج في الصخور، وتجعله يقاوم التيارات المائية التي قد تدفعه بعيداً، وتشبه الأنابيب الرفيعة للغاية.

الاكتشاف المذهل في الاسفنج الضوئي

لاحظ العلماء أمراً غريباً! إذ اتضح لهم أن أشواك إسفنج «سلة الزهور الرائعة» تشبه الألياف البصرية التي تستخدم في نقل المعلومات عبر مسافات طويلة قد تصل إلى آلاف الكيلومترات، وحتى بين القارات بعضها بعضا.

ولكن ما هي الألياف البصرية؟ تسألني فأجيبك. تعتمد الاتصالات الحديثة مثل نقل المكالمات الهاتفية والبرامج التلفازية على خيوط رفيعة جداً سمكها مثل شعرة الرأس، ومصنوعة من الزجاج النقي الشفاف أو البلاستيك، وتكون قادرة على نقل المعلومات، في شكل نبضات ضوء. كذلك تستخدم الألياف البصرية في الأغراض الطبية، حين يتطلب الأمر نقل الضوء داخل جسم المريض، يكون من الصعب إضاءتها، فعلى سبيل المثال يحتوي مثقاب طبيب الأسنان على ألياف بصرية لإنارة ما بداخل فم المريض.

الألياف البصرية.. الطبيعية

عندما فحص الخبراء إسفنج «سلة الزهور الرائعة» عن قرب، اتضح لهم أن شبكة الأشواك الدقيقة الشفافة التي تبرز من الهيكل تشبه الألياف البصرية الصناعية إلى حد كبير، وأنه يمكن استخدامها في الاتصالات الحديثة والمستقبلية بكفاءة عالية. خاصة أن طبقاتها الداخلية قادرة على عكس ونقل نبضات الضوء بطريقة أفضل، ولهذا يمكن استخدام هذه الألياف البصرية الطبيعية، في نقل المعلومات أسرع ودون أن تتعرض إلى أى مشكلات تمنعها من أداء عملها في الاتصالات. وهذه الأشواك التي على شكل أنابيب دقيقة جداً ليست لها عيوب الألياف البصرية الصناعية، فهي مثبتة بعضها في بعض بواسطة طبقة رقيقة جداً من مواد عضوية لاصقة ومرنة، ومن ثم يكون من الصعوبة أن تنكسر أو تتشقق مثل الألياف البصرية الصناعية. كما أن «الألياف البصرية» لإسفنج «سلة الزهور الرائعة» تحتوي في داخلها على مادة الصوديوم التي تساعد على نقل نبضات الضوء خلالها بشكل أفضل مقارنة بالألياف البصرية الصناعية. كما أن هذا الإسفنج اهتم به خبراء تصنيع الدواء، لما له من خواص فريدة في مقاومة البكتيريا ومعظم الكائنات الدقيقة الضارة بالإنسان، ومن ثم يمكن استخدامه لابتكار أدوية جديدة مفيدة.

أين يعيش الاسفنج الضوئي؟

يعيش إسفنج «سلة الزهور الرائعة» على عمق من 350 إلى 5000 متر تحت سطح المحيط . وفى هذه الأعماق الشديدة يكون الإظلام تاماً ولهذا يلجأ هذا الإسفنج إلى بث ضوء حيوي أي ليس صناعياً من أشواكه حتى يجذب الكائنات البحرية الدقيقة جداً، والتي يتغذى عليها. أن الأشواك المجوفة لإسفنج «سلة الزهور الرائعة» هى الألياف البصرية الطبيعية التى سوف تستخدم في نقل المعلومات بكفاءة عالية، عبر مسافات شاسعة، في خدمة اتصالات المستقبل.

وهكذا يعتمد تقدم العلم على الاستفادة من القدرات الطبيعية للكائنات الحية، والتي أودعها الله جل جلاله فيها.

 


 

رؤوف وصفي