الهروب من المدينة الرمادية! (هدية العدد)

الهروب من المدينة الرمادية! (هدية العدد)

قصة
رسوم: صلاح بيصار

كان يا ماكان.. في قديم الزمان ملك اسمه «رمادي».. واسم مدينته «رمادية»، ولا أحد يعرف هل جاء اسم المدينة مشتقاً من اسم الملك.. أم العكس. وهذا ما لم يفكر فيه أحد، والعجيب أن هذه المدينة الرمادية قد عرفت التلفزيون قبل أن نعرفه أو يكتشفه غيرنا من سكان كوكب الأرض!
أسمع بعضكم يتساءل: «هل هذا معقول؟!».
نعم.. ولكن بشكل مختلف فهي عبارة عن صناديق خشبية مصنوعة من أشجار رمادية لا يُعرف لها مكان أو اسم كأنها أشجار مسحورة، المهم أن هذه الصناديق الخشبية التي أطلقوا عليها اسم التلفزيون، كانت تظل صامتة طوال الوقت باستثناء الوقت الذي يقف أمامها أي مواطن من المدينة فيتم الإرسال فوراً.. وعندما يبتعد عنها ينتهي الإرسال وكانت لا تذيع أفلاما أو تمثيليات أو أي نوع من البرامج.. وكان المذيع يطل من الشاشة بشكله الغريب كأنه يضع قناعاً على وجهه ليقول كلاما مكرراً، هو نفس ما يقوله كل مرة عندما يقف أمامه أحد المواطنين، كأنه يذكّر أهل المدينة الرمادية بشيء واحد وهو نوع من التحذير لهم يقول:
«اهتموا باللون الرمادي في ملابسكم وفي طلاء منازلكم وابتعدوا عن الألوان المبهجة لأنها تجلب الفقر والتعاسة.. ولا تحلموا ... أو تفكروا.. أو تتخيلوا!.. ومَن يخالف هذا يعّرض نفسه للنفي إلى وادي الخراب»!
تعوّد أهل المدينة الرمادية عدم مخالفة ما يقوله المذيع لأنها أوامر الملك «رمادي»، كما تعودوا الذهاب إلى أعمالهم بالملابس الرمادية.
والمكاتب رمادية والحقول لا تنتج غير الثمار الرمادية حيث كانت الحبوب توزع على الفلاح بعد معالجتها في معامل الدولة لإخضاعها لإنتاج الثمار الرمادي اللون، سواء كانت خضراوات أو فواكه. وكان الحزن يسيطر على مشاعر الصبيان والبنات، فبعضهم دائم التمني بامتلاك لعبة ملونة، أو عروسة قطنية تعلّق في ضفائرها شرائط ملونة.. أو حتى مركبة ورقية غير رمادية اللون، فأصيب أغلبهم بالكآبة والحزن، وهذا ما أثر على تفكيرهم وعندما كان يتمنى أحد هؤلاء الأولاد أن يحلم، ويرى بالفعل برتقالة بغير لونها الرمادي.. أو شجرة.. أو عصفورة أو ناساً في ملابس كثيرة اللون، يسرع الأهل بإخفاء الأمر وإقناع أولادهم بأن ما رأوه في الحلم غير حقيقي لكي لا يتعرضوا هم وأولادهم للنفي إلى «وادي الخراب»!
وبعيداً عن العيون، كان السكان من كبار السن قد تناولوا في حكاياتهم عن أجداد أجدادهم سرا أن مدينتهم لم تكن «رمادية» لا في الاسم ولا في الشكل، بل كانت مثل كل المدن التي نعرفها.. ولكن لأن الحاكم الذي كان يحكمها لم يكن عادلاً ولم يعتمد في إدارة شئونها على احترام المواطن وحقوقه، دب الفساد في المدينة. ويؤكد الأجداد القدامى أنه منذ ذلك الوقت أصابت المدينة لعنة جعلت من كل حاكم يجلس على كرسي الحكم يحرم على مواطنيه كل الأشياء الجميلة، سواء في الألوان أو الأفكار والأحلام.. أو التخيل.
وفي يوم ما وذات ليلة هبت عاصفة قوية أسقطت أشجار المدينة والكثير من بيوتها، وفي الصباح اكتشف أهل المدينة الرمادية سفينة محطمة على الشاطئ، لم ينج منها غير أسرة واحدة: الأب والأم وابنهما واسمه «قوس قزح» وابنتهما واسمها «ألوان».. وكانت الأسرة لم تزل بملابسها الملونة، المبللة. تلفت «قوس قزح» حوله وهو يشاهد قدوم فريق الإنقاذ فأسرع باحتضان كيس كان يحمله معه وتصادف أن كان رمادي اللون ولذلك تركه له فريق الإنقاذ أثناء تبديل ملابسهم الملونة بغيرها رمادية.
بكت البنت «ألوان» فهي لا تحب اللون الرمادي لأنه يسبب لها نوعاً من أمراض الحساسية، فطمأنها والدها بأنها ملابس مؤقتة وسوف يشتري لكل الأسرة ملابس جديدة بعد استقرارهم.
وفي الطريق إلى داخل المدينة عرف الأب من قائد فريق الإنقاذ أن مدينتهم معزولة عن العالم ولا توجد وسائل سفر للخارج ولا سفن تقترب من شواطئهم.. وعندما وصلوا إلى المدينة تم تسكينهم في منزل صغير له حديقة صغيرة بأمر من الحاكم.
في الصباح وعندما أشرقت الشمس خرج الولد «قوس قزح» إلى الحديقة، فلم يجد عصفورا واحد يغرد كانت جميع العصافير رمادية اللون وصامتة، فنظر إلى شجرة البرتقال في الحديقة فرأى ثمارها أيضاً رمادية فقطف واحدة وقام بتقشيرها فوجدها من الداخل رمادية، فظن أنها برتقالة فاسدة فجرب أخرى، وثالثة، ورابعة، كلها كانت رمادية من الخارج ومن الداخل، وهذا ما دفعه للعودة بسرعة إلى داخل المنزل حيث وجد دهشة والدته التي اكتشفت أن كل الأثاث والفرش والجدران والطاولات لونها لون واحد هو الرمادي، وشاهد والده يطمئن الجميع بأنه غدا سيغير هذا الأثاث والطلاء ويشتري للجميع ملابس جديدة من التي تعودوا على ارتدائها.. وفي الصباح اصطدم الأب بان محاولته للتغيير مرفوضة حسب قوانين البلد، فكلما وقف أحدهم أمام التلفزيون الخشبي يفاجأ بالمذيع وتحذيراته المتكررة.
الولد «قوس قزح» وأخته البنت «ألوان» التحقا بمدرسة قريبة من المنزل والتحق الأب بوظيفة سائق قطار وهي المهنة السابقة له، وعملت الأم في مصنع للملابس النسائية.
الأب أثناء عمله على القطار كان لا يرى غير الألوان الرمادية على ملابس الركاب وسكان القرى.. واكتشفت الأم أن المصنع الذي تعمل به لا ينتج سوى الملابس الرمادية. أما البنت «ألوان» ففوجئت في مدرستها بالمدرسة تحذرها في موضوع التعبير من عدم الإشارة في وصفها إلى أي ألوان سواء في الوجوه أو الملابس أو الثمار أو أي شكل من أشكال الجماد. وحذرتها أيضا من «التخيل» أو الحلم بأي شئ تتمنى تحقيقه، لأن كل هذا ضد قوانين الدولة.
ارتبكت البنت «ألوان» وهي منزعجة وقالت ردا على مدرستها:
- الحياة من دون تخيل.. أو حلم هي حياة تشبه حياة الحيوانات والجماد.. والإنسان الذي يتخلى عن التخيل لا يمكن أن يصنع أو يخترع أي شيء لتحسين حياته في مستقبل أفضل.
ردت المدرسة في غضب:
- هذا وطننا.. ولدنا ووجدناه على هذه الحالة، ومن يفكر في تغيير هذا الوضع يقع تحت طائلة القانون الذي يعاقب المخالف بنفيه إلى «وادي الخراب»!
تساءلت البنت «ألوان» في دهشة:
- وما هو «وادي الخراب» هذا؟!
أجابت المدرسة:
- إنه المكان الذي يُنفى إليه كل من يفكر في تغيير الوضع الراهن ويتم نفي أهله وأقاربه معه.
استفسرت البنت «ألوان». قالت:
- وكيف تكتشفون ذلك؟!
قالت المدرسة في ثقة:
- المواطن صالح في وطننا ولا يمكن إخفاء وقوعه في المحظورات، فهو يذهب باختياره إلى مجلس الحكماء ويعترف بحلمه أو بتخيلاته أو حنينه إلى رؤية الألوان. فالأحلام والتخيل والتفكير أمراض معدية يمكن انتقالها إلى الغير، وهذا ما يؤدي إلى الخروج على النظام.
أما الولد «قوس قزح» عندما تحدث إلى مدرس الرسم عن الألوان.. وأن وجودها فيه بهجة للإنسان، انزعج المدرس وأنكر أنه لا يعرف ما هي الألوان التي يتكلم عنها، ثم أصابته رعشة متسائلا بينه وبين نفسه «هذا الولد يدبر لي مكيدة.. أو مؤامرة أو فخاً للإيقاع بي لكي يتم نفيي إلى «وادي الخراب»!
أكمل الولد «قوس قزح» متحديا مُدرسه:
- يا أستاذي.. أنا وأسرتي جئنا من بلد كل شيء كان فيه ملونا: إعلانات الشوارع.. والسيارات والقطارات، حتى الأطفال الصغار كانت لهم ألعابهم الملونة.. وأيضا كراساتنا فكيف تحاول إقناعي بغير ما شاهدته وعشته في حياتي من قبل؟!
انزعج المدرس وامتلأ قلبه بالخوف من خطر تعرضه للمساءلة والنفي، فقرر الإسراع بتبليغ جهات الأمن عن تلميذه الولد «قوس قزح» والتي بعدها أصدرت أوامرها بالقبض على عائلة «قوس قزح» للتحقيق معهم.. وأمام اللجنة سأل كبير المحققين الأب:
- ولدك «قوس قزح» يؤكد أن للألوان المختلفة وجوداً في الحياة، ويعترف أنه رآها!
أجاب الأب في لهجة واثقة:
- لو أنكرت ما رآه ولدي كأنني أنكر وجودي أمامكم الآن!
في غضب قال كبير المحققين:
- أذن أنت أيضا تعترف بوجود الألوان ولا تنكرها!
وبهدوء شديد قال الأب:
- يا سيدي كما يوجد تنوع في كل شيء خلقه الله سبحانه، يوجد تنوعّ في الألوان.
وهنا أسرع الولد «قوس قزح» قائلاً:
- إن لون النهار.. غير لون الليل.
وأكملت أخته البنت «ألوان» قائلة:
- وأصوات البشر تختلف وتتنوع بين شخص وآخر!
وفجأة ملأت القاعة ضحكة عالية للأم، بعدها قالت متسائلة:
- بماذا تشعرون الآن أيها السادة.. بالتأكيد مشاعركم مختلفة بعضها غاضب. وبعضها مندهش. وبعضها خائف من قول الحقيقة.
كانت هذه الحادثة هي المرة الأولى التي يقف أمام لجنة التحقيق من يؤكد صراحة وجود الألوان في الحياة.. وليس رؤيتها فقط في الحلم، ولذلك صدر الحكم بالإجماع بنفي الأسرة فورا إلى «وادي الخراب» ولم ينس الولد «قوس قزح» أخذ كيس الحبوب معه لممارسة هوايته في زرعها إن أمكن.
كان منفى «وادي الخراب» يشبه غابة لا نهاية لها.. المباني فيها مجرد أكواخ مصنوعة من الأخشاب وفروع الأشجار، وملابس ناسها من جلود الحيوانات بعد صيدها بصعوبة شديدة.. وكانت الحياة فيها تشبه الحياة في العصر الحجري، فبدأت الأسرة في بناء مسكن لها من خشب الأشجار، بعدها بأيام أفرغ الولد «قوس قزح» محتويات كيس الحبوب التي كانت متنوعة وكثيرة وكان قد حصل عليها من مخزن الحبوب في مدينته لتسليمها للمدرسة لتوزيعها على كل من يرغب من التلاميذ للقيام بتجربة الزراعة، وعندما عرفت أسرته بالخبر تحمسوا وقرروا أمراً! وفي تلك الليلة حلمت الأسرة أحلاماً ملونة.. شاهدوا الأشجار المحملة بثمار التفاح والعصافير والفراشات الملونة.. وحلمت البنت «ألوان» بأنها ترتدي فستانا من الزهور وقد علقت في ضفيرة شعرها وردة حمراء.. وزار الولد «قوس قزح» حلم رأى فيه نفسه طائراً وسط مجموعة من الفراشات.
في الصباح أسرعت الأسرة بزراعة الحبوب المختلفة حول كوخهم وتمنى الجميع أمنية واحدة: أن تنجح تجربتهم.
مرت أيام، وبدأت الأوراق الصغيرة الخضراء تطل برأسها من التربة.. وبعدها بأسابيع امتلأ المكان بأشجار صغيرة، فاقترح الأب تقديم بعض الحبوب وتوزيعها على من يرغب من سكان منفى «وادي الخراب».. وتوسعت الأسرة في زيادة المساحة المزروعة ببذور جديدة حصلوا عليها من المزروعات التي جفت.. وفي نفس الوقت فرح الجميع بثمار البطيخ والشمام وخضراوات البازلاء والذرة والبطاطا بألوانها المعروفة وأوشك اللون الرمادي الذي كان مسيطراً يختفي.. وتساءل بعض من في منفى «وادي الخراب»: كيف حدث ذلك. إنهم لأول مرة ترى عيونهم الألوان في الواقع وليس في الحلم.. وتحمس الولد «قوس قزح» وأخته «ألوان» ووالده وأمه في توعية الجميع كباراً وصغاراً لرعاية المزروعات.. والتوقيت المناسب لغرس الحبوب حسب فصول السنة لزراعة كل صنف.. ولا أحد يعلم من أين جاءت العصافير الملونة بأعداد كثيرة، وأخذت ترقص مع الفراشات فوق أشجار البرتقال والتفاح والجوافة، وظهرت في سماء «وادي الخراب» مجموعات من الطيور المتنوعة، وأحس أهل الوادي أنهم في حلم جميل لم يسبق أن زارهم مثله في حياتهم لا في الخيال ولا في الواقع، ولذلك كانوا يقرصون بعضهم بعضاً للتأكد من أن ما يرونه حقيقة وليس مجرد حلم.
وفي فجر أحد الأيام جاءت كتيبة من حرس المدينة الرمادية ومعهم بعض الأهالي الذين خالفوا قوانين المدينة لتسكينهم في «وادي الخراب» فاندهشوا للتغيير الذي حدث، وشاهدوا ما يشبه المعجزة كألوان الورود والشجر والخضراوات والبيوت والمنازل والطيور واختفاء اللون الرمادي الكئيب، وهذا ما أخبرت به كتيبة الحراس كبيرهم. ولا أحد يعرف كيف تسرب الخبر إلى سكان المدينة الرمادية، فتناقلوه في سرية وهم في دهشة، وعرف الصبيان والبنات بما يتناقله الأهل والمعارف، ففكروا في اكتشاف الحقيقة بأنفسهم، وتسللوا بعد أيام في طريقهم إلى «وادي الخراب» الذي وصلوا إلى مشارفه بعد مشقة وتعب، وأفاقوا على أصوات زقزقة العصافير الملونة وصياح الديوك، وشاهدوا الأشجار الخضراء وعندما دخلوا على الوادي، شاهدوا الأولاد والبنات وهم يحملون شنطهم المدرسية في طريقهم إلى المدرسة.
كان كبير الحراس قد أخبر حاكم المدينة الرمادي بما أخبره الحراس به وما شاهدوه في «وادي الخراب»، ولكنه لم يصدق وأمر بنفي الحراس الذين جاءوا.. وفي نفس الوقت، انتشر خبر اختفاء الأولاد والبنات، وعرف الأهالي أن أولادهم قد ذهبوا إلى «وادي الخراب» فأصابهم رعب.. ولكنهم قرروا على الفور الذهاب للبحث عنهم.
بعد مسيرة أيام، وصلوا إلى «وادي الخراب» وهم في حالة من التعب الشديد، ولكن سرعان ما شعروا بانتعاش وامتلأت عيونهم بالدهشة لما شاهدوه. قال أحدهم كأنه يحدث نفسه: «إن البيوت الملونة ترقص تحت شمس صفراء !». ثم أشارت امرأة إلى أخرى بجوارها وقالت:
- انظري!
نظرت المرأة في اتجاه ما أشارت إليه المرأة الأخرى.. كان لافتة كبيرة معلقة على بوابة «منفى الخراب» كُتب عليها:
«من حقنا جميعا أن نحلم!».
نظر أحد الرجال إلى اللافتة وعلق قائلاً وهو يكاد يبكي:
- نعم.. هنا يمكننا أن نحلم وأن نتخيل دون خوف.
وقالت إحدى البنات لأمها:
- صح يا أمي.. أنا الآن لا أخاف.. ولذلك أول شيء سأفعله أن أبحث عن أقلام خشبية ملونة وأرسم أحلامي.
بعد لحظات عثر الأهل على أولادهم وقرروا عدم العودة إلى مدينتهم الرمادية التي سرقت منهم أحلامهم.. ومنعت عنهم التحليق بمشاعرهم في عالم الخيال.. وصادرت أحلامهم وحولتهم إلى نماذج بشرية تشبه الأحجار.. والأخشاب، لا تشعر.. ولا تحس.
ولم تمر غير أيام قليلة وانتشر خبر «وادي الخراب» بين أهل المدينة الرمادية.. وكيف خلع الوادي ثوبه القديم وارتدى ثوبا ملونا بالأحلام، وأصبح التمرد اليومي من أهل المدينة الرمادية ظاهرة تتكرر.. كل شخص يعترف كذبا أنه حلم بالأمس وشاهد أحلاما ملونة، فيتم نفيه هو وعائلته.. ومنهم من تجرأ وفضّل الهروب هو وأسرته إلى «وادي الخراب».. واستمرت عملية الهروب وشملت بعض كبار الدولة، إلى أن جاء يوم وقد فرغت المدينة الرمادية من أهلها، ولم يتبق فيها غير الحاكم وزوجته وابنته «رمادية» وابنه «رمادي».. وآمن الجميع أن مصير الإنسان بيديه ويستطيع أن يغيره بتشغيل عقله.. والبحث عن التخيل والتفكير لتطوير حياته وخصوصاً عندما يملك حلماً يسعى جاهداً إلى تحقيقه.
 

 
 
 
 
 
 

مجدي نجيب





غلاف هدية العدد