روانٌ والقلمُ

روانٌ والقلمُ

رسوم: روني سعيد

قال نابليون: عماد القوة في الدنيا اثنان: السيف والقلم. فأما السيف فإلى حين وإما القلم فإلى كلّ حين. والسيف مع الأيام مكروه ومغلوب، والقلم غالب ومحبوب.

«روان» فتاة موهوبة جدا حباها الله منذ حداثتها الشغف (حب) بالكتابة والتأليف، فكانت بخلاف أترابها (زملائها) تقضي النهار كله خلف طاولتها بين الأوراق والأقلام، غارقة في أفكارها وقصصها. حتى أنها كانت لا تتوانى عن إكمال كتاباتها في المساء، وهي مستوية في سريرها. وذات ليلة تقدم منها المنبّه وقال:

- ماذا تكتبين يا «روان» بدل أن تنامي الآن؟

- أكتب قصة بعنوان «فضائل القلم» قالت «روان»: ولن يغمض لي جفن ما لم أكملها يا صديقي المنبّه.

- وهل للقلم فضائل؟! لم أسمع بهذا قبلاً يا «روان»!

- طبعا.. وأنا تعلّمت منها الكثير.

تعجّب المنبّه وسألها:

- ماذا تعلّمت يا «روان»؟

أمسكت القلم «روان» عالياً وقالت:

بين وقت وآخر، عليّ أن أشحذ القلم كما تعلم يا منبّهي. وهذا العمل يسبب لقلمي ألماً فظيعاً ولكنه بعدها ينصقل ويتجدد ويصبح أكثر صلابة وحدّة. وهذا علّمني أن أتحمل الآلام والمصائب إن أتت، فإن تخطيتها بذكاء أصبحت أكثر قوة وثقة بنفسي من ذي قبل. ولا تنس يا منبهي كم أخطئ أثناء الكتابة - أضافت روان.

- صحيح! من منّا لايخطئ؟ - قال المنبّه.

- أنا عندما أخطئ - قالت روان - أستعمل مباشرة الممحاة التي تعلو رأس القلم. وهذا علّمني أن ارتكاب الخطأ ليس عيبا، وإنما الإبقاء عليه!

وقرّبت «روان» القلم من المنبّه وسألته:

هل تعرف يا صديقي أين تكمن قيمة هذا القلم الفعليّة؟

- طبعا في جماله. انظري إلى خشبه اللماع الملوّن!

- خطأ! إن قيمته لا تكمن في لباسه الخشبيّ الملوّن بل في رصاصه من الداخل وما يسيل منه على الورق من كلمات فاضلة وأحرف ورديّة. وهذا علّمني أنّ الجوهر هو القيمة الحقيقية لكلّ إنسان لا شكله ولباسه.

ابتسم المنبّه وقال:

- ما أجمل ماقلته يا «روان» عن القلم.

- صحيح - قالت روان - حبّذا لو نقتدي بالقلم وبصفاته الحميدة فنترك وراءنا أثراً جميلاً أينما حللنا ووجدنا.

 

 


 

نبيهة الحلبي