عباقرة التاريخ.. جاليليو جاليلي مخترع التلسكوب 1564 - 1642

عباقرة التاريخ.. جاليليو جاليلي مخترع التلسكوب 1564 - 1642

مَن منكم أيها الأصدقاء لم يحلم بأن يسافر في رحلته عبر الفضاء، فيقترب من النجوم، ويسبح بين الكواكب، ويخترق المجرات، دون أن يركب في أي مركبة فضائية، ودون أن يضع فوق رأسه أو على ظهره العدة اللازمة لمثل هذه الرحلة والتي يحملها رجال الفضاء في مثل هذه الرحلات دائماً.

- أنا مثلكم، أعتقد أن الأمر قبل اختراع التلسكوب كان مستحيلاً، لأن الفضاء مليء بالهيدروجين وأي محاولة مثل هذه ستكلف الشخص حياته، وأكيد أنه سيختنق بسبب انعدام الأكسجين من الهواء، لكن الآن ومع وجود هذا الجهاز العجيب، فكل شيء أصبح ممكناً، فقط نختار شرفة البيت ويكون ذلك ليلاً حيث النجوم تضيء السماء ونوجّه هذا المنظار نحو السماء، وستكون الرحلة الرائعة، لكن يا أصدقاء قبل الانطلاق في هذه الرحلة الممتعة، لابد لنا أن نعرف مَن هو مخترع التلسكوب وقصة هذا الاختراع العبقري.

إنه جاليليو جاليلي، العالم الإيطالي ولد سنة 1564م، كان والده «فينسينزو جاليلي» ماهراً في الرياضيات والموسيقى، وكان يتمنى أن يرى ابنه جاليليو أحسن حالاً منه، فهيأ له الجو المناسب للتحصيل العلمي المناسب، لكي يصبح في يوم من الأيام طبيباً مشهوراً، إلا أن جاليليو كان له وجهة نظر أخرى، فاستفاد من الظروف التي وفّرها له والده فكان مُجداً مقبلاً على التحصيل لا يمل القراءة عاكفاً دائماً على الكتابة متأملاً الأفكار والنظريات العلمية وغيرها، فشحذ همّته لدراسة علوم الطبيعة واجتهد في علم الفلك، فأصبح عالماً فلكياً ورياضياً وفيزيائياً ومفكراً وفيلسوفاً.

والتلسكوب عبارة عن آلة مهمتها رصد الأماكن البعيدة وتقريبها أكثر فأكثر لتظهر بوضوح، وسميت بالراصدة لأنها ترصد وأيضاً المقراب لأنها تقرّب، والتلسكوب يقوم بتجميع الضوء لرؤية الكواكب والنجوم البعيدة المدى.

ويعتقد أن أول من قام بصناعة التلسكوب هو «ليبرشي» سنة 1608 بهولندا وليبرشي هذا كانت مهنته صناعة عدسات النظارات، ففي أحد الأيام، وبينما كان ابن «ليبرشي» يلهو بنظارات والده، قام بوضع عدستين على التوالي، وترك مسافة بين العدستين فلاحظ أن جرس الكنيسة أصبح أقرب مما كان عليه، فأخبر والده بهذه الملاحظة التي مكّنته فيما بعد من معرفة كيفية تقريب الأشياء.

وما إن علم جاليليو بهذا الاكتشاف حتى أخذ يدرس ويكثّف من بحوثه ويجدّ في تجاربه في تقريب الأشياء ليتمكن في النهاية من صنع التلسكوب، وبذلك يعتبر جاليليو أول من اخترعه، وأول مقراب فلكي صنعه جاليليو كان في عام 1609، وبه تمكن من رؤية جبال القمر، والأقمار الأربعة التي تدور حول كوكب المشتري، فقام بصناعة المئات من المناظير، وأرسل كثيراً منها إلى بلاد أوربا، وكان صدى نجاح جاليليو بهذا الاختراع في كل أرجاء مدينته البندقية بإيطاليا.

اختراع التلسكوب جلب لجاليليو الويلات والمشكلات من قبل رجال الدين (الكنيسة) الذين كانوا يؤمنون ببعض الأفكار، وهي مسلمات يجب ألا يكذبها أحد، بل يجب عليه أن يؤمن بها، ومن بينها أن الأرض هي مركز الكون، والطريق اللبني ليس سوى مجرد سحابة من الضوء، والقمر شكله مسطح، إلا أن جاليليو عندما اخترع المرقاب ورأى من خلاله واتضحت له الرؤية وأخبر الناس بأن تلك المعتقدات هي خاطئة، بل إن القمر عبارة عن مرتفعات، وأن الشمس تنتقل على محاورها، وكوكب المشتري له أقمار تدور حوله كما يدور القمر حول كوكب الأرض، وأن الطريق اللبني ليس سحابة من الضوء كما هو معتقد، بل على العكس هو عدد لا حصر له من النجوم المنفصلة.

هذه الأفكار التي نشرها جاليليو كانت كفيلة بمتابعته من قبل رجال الدين واتهامه بالإلحاد لأنه جاء بأفكار تخالف ما يعتقدون أنه الدين وتخالف الكتاب المقدس وحكمت عليه المحكمة بالسجن، وبسبب المرض الذي عانى منه جاليليو في سجنه قررت المحكمة إخراجه من السجن والبقاء في بيته.

 

 


 

إعداد ورسم: أحمد البهلولي