الشمبانزي المشاكس!

الشمبانزي المشاكس!

تصوير: نورة التويجري

كلما تذكرت «جين جودوول» خبيرة الحياة البيطرية تجربتها في دراسة سلوك الشمبانزي، وكيف تغير انطباعها الأول عن الشمبانزي بعدما ظلت لفترة طويلة تراقبها في حديقة تنزانيا الوطنية، يتأكد لديها أن الطبيعة كالحياة الآدمية لا ينقصها العنف والرغبة في السيطرة وإشعال الحروب، في تلك الأثناء عاينت عن قرب سنوات الحروب الأربع التي اشتعلت بين فريقين منها، ولقد أدهشها تلك البراعة التي تدار بها المعركة، التي ظهر واضحاً أنها اشتعلت بدافع الانتقام من بعض القردة التي قررت التنكر لقبيلتها والانضمام لقبيلة أخرى تعيش في كنفها (رعايتها)، فعاملها أهلها كخونة يجب التخلص منها، كانت قردة الشمبانزي تتحرك في تؤدة وحرص لتعد الكمائن داخل الغابة لكي توقع بأفراد العائلة المنافسة فرداً فرداً، وعندما تشتعل المعركة كان كل منها لا يميل لاستخدام الأسلحة، فالأسنان والقوة الجسدية هما السبيل لتصفية الخلافات، وعلى الرغم من ذلك فقد سجلت القردة تقدماً في أشياء أخرى، فقد استخدموا ورق الأشجار العريض كأحذية تحمي أقدامها من الأشواك، فأحد القردة صغيري السن أخذ دوره في القيادة لا لميزة لديه سوى أنه قد تقدم الصفوف وهو يصيح بعنف ويضرب عبوتين من الصفيح كلا منهما بالأخرى مصدراً جلبة (الصوت العالي) توحي بأهميته وقيادته، وآخر كان قد اختفى أخوه، فراح يبدي عضلاته أمام الجميع مقنعا إياهم بصلاحيته للقيادة، وكلتا المجموعتين داومت على تناول أوراق شجر الأسبيليا الذي يزيل آلام المعدة ويقتل الفطريات، وكان الجميع يؤدون رقصاتهم كلما صادفهم منحدر ضخم أو مجرى مائي عميق، ولأنها وفريقها ترصدهم عن قرب، فلم تسلم جودوول وفريقها من الأذى، خاصة من ذلك الصغير المدلل الذي كان يستمتع بالتقرب إليهم خلسة محاولا إيذاءهم وتدبير المؤامرات لهم، وكان هذا هو الوجه الآخر للشمبانزي الذي لم نكن نعرفه من قبل!

 


 

إعداد: أحمد عزمي