ملابسٌ جديدةٌ لنقار الخشبِ.. قصة شعبية روسية

ملابسٌ جديدةٌ لنقار الخشبِ.. قصة شعبية روسية
        

رسوم: ماهر عبد القادر

          ذات يوم، قررت ذئبةٌ عجوزٌ أن تبحث مع زوجِها عن بيتٍ جديدٍ. سمعا أن هناك كثيرًا من الحيوانات والطيورِ وراء النهرِ، فقرر الزوجان أن ينقلا خيمتَهما ويعيشا هناك.

          ذهب زوجُ الذئبةِ إلى الغابةِ ليجلبَ أغصانَ الأشجارِ ويصنع منها قاربًا. بدأت الزوجةُ تحزم أمتعتَها في صررٍ. عندما انتهت من ذلك، جلست على الضفةِ بجوارِ صررها في انتظار زوجها.

          اقترب منها قاربٌ كان يبحرُ على سطحِ المياهِ. كان في القاربِ ثعلبةٌ أدارت دفّةَ القاربِ نحو الضفةِ وقالت: «دعيني أساعدك. سأنقل لك أغراضَك إلى الشاطئ الآخر».

          فرحت الذئبةُ جدًا وسحبت صرَرها وكوّمتها في القاربِ. وعندما أوشكت أن تضع قدمَها في القاربِ قالت الثعلبةِ:

          «انتظري! لا تصعدي. سنغرق إذا ركبت. سأنقلُ لك أشياءَك أولاً ثم أعود لأنقلك».

          واندفعت الثعلبةُ في طريقِها منطلقةً في اتجاه تيار النهرِ بدلاً من الذهابِ إلى الشاطئ الآخرِ. أبحر القاربُ مبتعدًا بعيدًا بعيدًا. أدركت الذئبةُ أن الثعلبةَ خدعتها وجلست تبكي على صخرةٍ على حافةِ الماءِ.

          كان طائرُ نقار الخشبِ يطيرُ بالقربِ منها في تلك اللحظةِ، فسمع بكاءَها، حطّ بجوارها وأصغى لقصتِها وطيّب خاطرَها، ثم طار خلفَ الثعلبةِ منطلقًا مباشرةً عبر الغابةِ إلى قطعةِ أرضٍ كبيرةٍ بارزةٍ في عرضِ البحرِ، وهناك وقفَ على شجرةٍ قريبةٍ من الماءِ، وكسر بعضَ الأغصانِ في انتظار قدوم الثعلبة مبحرةً حول كومة الأغصانِ المكسّرةِ.

          حينما وصل قاربُ الثعلبةِ بجوارِ الشجرةِ التي يقف عليها طائرُ نقار الخشب قال لها:

          - هل تسمحين لي بنزهةٍ على قاربكِ الجميلِ؟

          قالت له الثعلبةُ: لا مانع. هيا اقفزْ.

          اختبأ نقارُ الخشبِ وراءَ صرر الذئبةِ حتى لا تراه الثعلبةُ.

          أبحر القاربُ والثعلبةُ في مؤخرةِ القاربِ، بينما نقار الخشبِ ينقرُ بهدوءٍ في مقدمة القاربِ. بعد قليلٍ استطاع فتح ثقب في ألواحِ الخشبِ.

          بدأ الماء يتسرّبُ من الثقبِ.

          سألته الثعلبةُ بقلقٍ: هل هناك ثقبٌ في القاربِ؟

          قال نقارُ الخشبِ: نعم، أظن أن هناك شقًا بين ألواحِ القاربِ، من الأفضلِ أن نتوقف ونحاول سدّه.

          عندما وصلا إلى الضفةِ قفزت الثعلبةُ خارج القاربِ وقالت: اخرج الصرر. سأذهب للغابةِ بحثًا عن بعضِ أغصانِ الأشجارِ، ثم نعاود الإبحار سريعًا بعدما نسد هذا الثقب.

          في هذه اللحظة التي اختفت فيها الثعلبةُ في الغابةِ، ثنى نقارُ الخشبِ بعضَ الأغصانِ، وصنع منها سدادةً لسدِّ الثقبَ، ثم دخل القاربَ وأبحرَ متجهًا إلى الذئبةِ.

          عادت الثعلبةُ من الغابةِ تحملُ بعضَ الأخشابِ. رأت القاربَ يتحرّك مبتعدًا!

          - أيها اللصُ عد. يا نقار الخشبِ يا لص عد!

          - لا. لن أعود أيتها الثعلبة المكارة. هذه ليست أغراضَك.

          وصل نقارُ الخشبِ إلى خيمةِ الذئبةِ، فرحَ الزوجان جدًا برؤيتِهِ.

          قالا له: «بماذا تحب أن نكافئَك؟».

          صنعت له الذئبةُ العجوزُ سترةً جلديةً، وصبغتها له بألوانٍ جميلةٍ، ثم صنعت له قبعةً لامعةً لتلائمَ تلك السترةِ.

          تطلّع نقارُ الخشبِ لملابسِهِ الجديدةِ بإعجابٍ.

          كان زوجُ الذئبةِ حدادًا ماهرًا. صنع لنقارِ الخشبِ منقارًا حديديًا ومخالب من النوعِ نفسِهِ.

          ومنذ ذلك الحين، يتأنّق نقارُ الخشبِ في ملابسِهِ اللامعةِ، ويستطيع بمنقارِهِ الحديدي فتح ثقب في أي شجرة مهما كانت صلابتها.

 


 

ترجمة: إيزابيل كمال