قصة حياة دراجة

قصة حياة دراجة
        

          إذا التقينا دراجة ، وحكت لنا قصتها، فسوف نجدها من أطرف القصص. صحيح أنها قصة سارت على قدمين، ولكنها قطعت أكثر من مائة عام، ودارت حول الكرة الأرضية كلها. فماذا يمكن أن تقول دراجة عن قصة حياتها؟

          أنت تعرفني أيها القارئ الصغير، وربما تكون ركبتني وأنت عمرك بضعة شهور فقط، ولكنك ركبت الشقيقة الصغرى لعائلتي، وهي المركبة التي تدفعها الأم أو الأب تحمل الصغار بداخلها، ولها أشكال لا تحصى، وألوان لا تعد.

          أول من اخترع جهازا للنقل يشبه الدراجة هو الكونت دي سيفراك عام 1790م. كان اختراعه بسيطا جدا ويتكون من عارضة بسيطة من الخشب تصل بين عجلتين.

          أما البداية الحقيقية لشكل الدراجة الحالي فكانت سنة 1817 حين اخترع بارون ألماني شقيقتي الأكبر، أو جدتي الأولى، وهي الدراجة ذات البدال الواحد التي تدار بقدم وساق واحدة. وكانت تلك الدراجة تشبه الدراجة العادية وقد أطلق عليها اسم «دريزن» ثم ظهرت نسخة معدلة منها ذات بدالين في عام 1839 ولكن يبدو انها لم تكن تعمل جيدا مما دفع بآخرين الى التفكير في وسيلة لتطويرها.

          جاء تطور شكل وأداء الدراجة مع اختراع حداد فرنسي اسمه بيير ميشو الدواسات. وقد صنع دراجته ذات الدواسات سنة 1861 م، وأنتج 150 دراجة باع الواحدة منها بقيمة 150 فرنكا ذهبيا!

          في نفس العام  قام هذا الحداد الفرنسي بيير وشقيقه إرنست بتركيب بدالات أحدث للعجلة الأمامية لدراجة ذات شكل أحدث وسميت «الدراجة ذات العجلات الثلاث».

          منذ ذلك الوقت تم عمل تحسينات طفيفة بالدراجة، فاستبدلت العجلة الخشبية بعجلات حديدية، وفي عام 1875 أصبح الإطار المعدني مجوفا، ثم غلف بالمطاط.

          جرب راكبو الدراجات الانجليز استخدام عجلات لها اطارات من المطاط المصمت عام 1869 فكانت الاطارات المطاطية تلطف الحركة وتريح الراكب. وقد استخدم الانجليزي «جيمس مور» نموذجا له إطارات من المطاط المصمت ففاز بأحد السباقات الاولى للدراجات عام 1869،  كانت دراجته ثقيلة جدا الا انه استطاع قطع 133 كيلومترا في زمن قدره عشر ساعات و25 دقيقة.

          في عام 1888 اخترع الايرلندي «جون دانلوب» الاطارات المنفوخة بالهواء, ثم ظهرت بعد ذلك الفرملة الخلفية والتي تعمل بإدارة البدالات للخلف، ثم التروس التي تمكن راكب الدراجة من تغيير سرعتها وقد تم صنع ترس «ديرايور» في فرنسا عام 1900، وكان استعماله محدودًا حتى سنوات الثلاثينيات عندما بدأ متسابقو الدراجات في استخدام دراجات بها مثل تلك التروس.

          أما الآن فقد اصبحت تلك التروس شائعة في كثير من الدراجات. وتروس «ديرايور» هي التروس التي تخرج الجنزير من الترس المسنن أو العجلة المسننة الى عجلة مسننة أخرى، وتتيح هذه التروس لهذا النموذج أن يكتسب احدى وعشرين سرعة، ولاشك ان هذه التروس قد اكسبت الدراجات سرعات أكثر من قبل بكثير.

          صنع أحد الألمان المهاجرين الى الولايات المتحدة وهو «إجناز شفين» دراجة في شيكاغو عام 1895م. وفي عام 1933 استحدث لها الإطار الداخلي المنفوخ، وكان هناك اطار خارجي آخر وكان الإطار المطاطي أصغر وأعرض من إطارات الدراجة التي كانت معروفة من قبل، وقد جعلت هذه الإطارات ركوب الدراجات أيسر وأسهل حتى للأطفال وقد قفزت مبيعات «شفين» من 25 ألف دراجة عام 1932 الى 250 ألف دراجة عام 1936.

          في تسعينيات القرن الماضي كان راكبو الدراجات يستخدمون دراجات ذات مقود منخفض يجعل جسم راكب الدراجة انسيابيًا إلا أن أجساد راكبي الدراجات كانت تعاني من التقلصات والانكفاء لدرجة ان ركبهم تكاد تلمس أنوفهم في أثناء تحريك البدالات.. وقد أضاف بطل الدراجات الأمريكي «ميجور تيلور» امتدادًا لهيكل الدراجة مما دفع بالمقود إلى الأمام وأصبح امتداد «تيلور» الآن جزءًا أساسيًا في دراجات السباق.

          وهكذا أخذ اختراع الدراجة مراحل شتى حتى اكتمل شكلها الأخير، وحتى الآن ما زالت صناعتها كل يوم في تطور وتجديد. واليوم وأنت تذهب لشراء دراجتك الجديدة فكر في كل هؤلاء المخترعين. فكر أيضا في إضافة شيء جديد لدراجتك. فربما تم تسجيل ابتكارك باسمك.

 


 

أحمد مرسي