قاربُ البطِ.. حكاية شعبية روسية

قاربُ البطِ.. حكاية شعبية روسية
        

ترجمة: إيزابيل كمال
رسوم: يهان بدراوي

          ذات يومٍ، كان الثعلبُ المكارُ يسير قرب الشاطئِ، نظر حولَه وقال لنفسِهِ: «لا يوجد حيوان أذكى منّي! لا يوجد حيوان أبرع مني!».

          كانت البطات تسبحُ قريبًا منه فسمعته. حددت البطات مكانه بالضبطِ وقررت أن تدبر له مقلبًا.

          قالت البطةُ الكبيرةُ: «هيا يا بطاتي العزيزات، نصنعُ قاربًا من أجنحتِنا، سنسبحُ في صفين متجاورين وتفرد كل واحدة جناحيها، سيظننا الثعلبُ المغرورُ قاربًا».

          بسرعة نفذت البطات الخطةَ واصطفت في صفينِ متجاورينِ، وفردت أجنحتها، وبدا منظرها من بعيدٍ مثل القاربِ، وأجنحتها الخارجية مثل المجاذيفِ، وبدأت تسبح، والبطةُ الكبيرةُ تصيحُ: «واحد اثنان! واحد اثنان! اسحبوا المجاذيفَ!».

          كان الثعلبُ المغرور عجوزًا، ولم يعد يرى جيدًا كما كان في صغرِهِ، بدا له سرب البطات قاربًا يسبحُ فوقَ المياهِ، وفيه مراكبية يجذفون. وقف الثعلبُ وصاح: «أنتم أيها المراكبية! اقتربوا، وخذوني معكم للشاطئ الآخرِ! ألا تعرفون مَن أنا؟ أنا سيد هذه المنطقةِ! ألا ترون أني متعبٌ؟».

          اقترب سربُ البطاتِ من الشاطئِ، صعد الثعلبُ وجلسَ، وملأ صدرَه بالهواءِ في غرورٍ شديدٍ، ونفشَ ذيلَه، ثم أغمضَ عينيه واسترخى في سعادةٍ. سار القاربُ بسرعةٍ مبتعدًا عن الشاطئ. وفجأةً سمع الثعلبُ البطةَ الكبيرةَ تقول: «هيا يا أخواتي نطيرُ، لقد سبحنا كثيرًا».

          دقيقةٌ واحدةٌ ووجد الثعلبُ نفسَه وحيدًا في الماءِ. كانت البطات تطيرُ مبتعدةً. أخذ يجذف عائدًا للشاطئ وهو يقول لنفسِهِ، لقد خدعتني البطاتُ وألحقت بي العارَ. كانت عودة الثعلبِ للشاطئ رحلةً شاقةً لأن ذيلَه المبتل كان يسحبه لأسفل.

          قال الثعلبُ: «يا ذيلي الجميل، لا تسحبني لأسفل الآن. بل ساعدني على الوصولِ للشاطئ!».

          عاد الثعلبُ للشاطئِ بصعوبةٍ. تسلّق تلةً صغيرةً وجلسَ يجفّفُ نفسَهَ في الشمسِ. في ذلك الوقتِ، طارت البطاتُ في كل مكانٍ لتحكي لكلِ مَن تلقاه عن الحمّام الباردِ الذي منحته للثعلبِ المغرورِ!

          تلفّت الثعلبُ حولَه ورأى عددًا كبيرًا من الحيواناتِ الكبيرةِ والصغيرةِ، تجمعوا كلُّهم حولَه، وأخذوا يضحكون ساخرين منه. وأخذوا يغيظونه قائلين:

          - ها أيها الثعلب ألن تحكي لنا كيف غمرتك البطات في مياهِ النهرِ؟

          هزَّ الثعلبُ كتفيهِ، وحطَّ ذيلَه بين أسنانه ليسرع السير، وانطلق بأقصى سرعةٍ من هذا المكان خجلاً من مواجهةِ كل هؤلاء.

          ومنذ ذلك الحين لم يعد الثعلبُ يذهب إلى الشاطئِ.