اللوحة المدهشة

اللوحة المدهشة
        

رسم: أحمد البغلي

          رسمت ريم سماءً زرقاءَ صافيةً، وشمسًا صفراءَ متوهجةً، وغيمةً بيضاَء صغيرةً، ومرجًا من الأعشاب الخضراء، تتوزع فيه زهورٌ حمراءُ، وأشجارُ التين، ورسمت أيضا منزلًا يحيط به سورٌ خشبيٌ.

          بعدما انتهت ريم من الرسم، نظرت بإعجاب إلى لوحتها، وقالت تحدث نفسَها:

          - ليتني أعيشُ في هذا المكان.

          ثم اتكأت على الطاولة، وهي تتأمل ما رسمته بإعجاب، و..

          فوجئت ريم أن أمنيتها قد تحققت، وأنها صارت داخل اللوحة، فشعرت بالدهشة!

          أخذت ريم تركضُ في المرجِ الأخضر، وهي في غايةِ السرور، ثم جلست على العشبِ، واقتربت من وردةٍ جميلة لتشمها، ولكن لم يكن للوردة غير رائحة علب التلوين، فقالت:

          - في المرة القادمة.. سأرش بعض العطر على الزهور التي أرسمها.

          ثم ذهبت إلى الأشجارِ، تستظل بفيئها من وهج الشمس، وهي تقول:

          - في المرة القادمة.. سأرسم غيومًا كثيرة لتخففَ من حر الشمس.

          ثم أخذت تركضُ حول شجرةِ البرتقال، إلى أن شعرت بالتعب والجوع، فمدت يدها إلى إحدى الأشجار، وقطفت ثمرةَ تينٍ، ولكنها لم تستطع أكلها، فقد كانت الثمرة من الورق.

          مر الوقت بطيئًا، وأحست ريم بالنعاسِ، ولكن الشمس لم تتحرك نحو المغيب، فأدركت أن الليلَ في اللوحة لن يأتي، لهذا ذهبت إلى المنزل لتنامَ فيه، وهي تقول:

          - سأسدل الستائر.. وهكذا أنام من دون أن يزعجني ضوء الشمس.

          ولكن ريم لم تستطع دخول المنزل، فقد كان بابه مقفلًا، فجلست ريم قرب البابِ، وهي تقول:

          - في المرة القادمة.. سأرسم الباب مفتوحًا.

          ثم تذكرت ريم أنها رسمت النافذة َمفتوحةَ، فركضت إليها، ونظرت إلى الداخل، ولكنها لم تجد شيئًا. فريم لم ترسم من المنزل غير النافذة، والباب، والجدران من الخارج.

          فقالت ريم:

          - في المرة القادمة سأرسم المنزل من الداخل.. وسأرسم سريرًا كي أنام عليه.

          فجأة أخذ المطر الغزير يهطل من الغيمة البيضاء، فبهت لون الشمس الأصفر، وامتزج بلون السماء الزرقاء، مع المرج الأخضر، والأزهار الحمراء، وتحول المنزل إلى بقعة داكنة.

          شعرت ريم بالماء يبلل وجهها، فاستيقظت، واكتشفت أنها رمت بيدها وهي نائمة كأس الماء، فسقط على لوحتها، وبلل وجهها المتكئ على اللوحة.

          لم تحزن ريم لأن الماء أفسدَ لوحتها. فقد تناولت ورقةً جديدة، وأخذت ترسم منزلًا، بابه مفتوح، وفيه سرير، وأرجوحة مربوطة إلى شجرة التين. لعلها تحلم مرة أخرى أنها صارت في اللوحة الجديدة.

 


 

سامر أنور الشمالي