المفتاح الذهبي

المفتاح الذهبي
        

رسم: أمين الباشا

          كان سمير يذهبُ إلى شاطئِ البحرِ قبلَ غروبِ الشمسِ مرّةً أو مرتين كلَّ أسبوع. يجلسُ على الرّملِ الأبيضِ وينظرُ إلى الأفقِ مراقبًا السحبَ المنتشرةَ في الأجواءِ بأشكالِها وألوانِها الساحرةِ.

          كان نظرُه يتنقّلُ ما بين البحرِ والسحبِ التي يرى فيها أشكالاً كبعضِ الطيورِ والأشخاصِ لم يرها من قبلٍ. هذه كانت لذّته ومتعته.

          ذات يوم، اقتربت موجةٌ منه وغطّت رجليهِ وبللت ثيابَه حاملةً معها شيئًا يشبه المفتاحَ. التقطه وراحَ يزيلُ عنه الرِّمالَ. فجأةً تلألأَ بلونٍ أصفرٍ ذهبيٍ.

          عندما اقتربت الشمسُ من الأفقِ، واحمرّت السماءُ بلونِها، تحرّك المفتاحُ بينَ أنامل سمير، فأمسك به جيدًا، إذ كاد أن يفرَّ من بين أناملِهِ. بقي ينظرُ إلى غروبِ الشمسِ حتى اختفت تاركةً في الأفقِ ألوانًا ما بين الأحمر والأصفر والأزرق، ما لبثت أن امتزجت ببعضِها ملونةً قسمًا فسيحًا من الأجواءِ، وبعض السحاب، حتى أن البحرَ تغيرت ألوانُه وصارت ملتصقةً بالسماءِ، وهذا ما يُسحر سمير ويبقيه مشدوهًا حتى الغروبِ الكاملِ للشمسِ. وكعادته يبقى على الشاطئٍ إلى أن يطغى اللونُ الأسودُ في كلِّ الأرجاءِ معلنًا مجيء الليل. عندها قام وسار إلى منزلِهِ ممسكًا بيديه الاثنتين المفتاحَ الذهبي.

          عندما رأت أم سمير المفتاحَ تعجّبت، فهي لم ترَ مفتاحًا ذهبيًا من قبل. أمّا أبوه، فقال وهو يقلّب المفتاحَ بين يديه: يا سمير، لعلّ هذا هو مفتاح مستقبلك، لا تضيّعْه، لعله أيضًا سيجعل من أيامك أيامًا ذهبيةً. أجابه سمير بتعجّبٍ: لكن يا أبي كيف اختُرت أنا لأجد هذا المفتاحَ العجيبَ؟ أجابه أبوه: لست أدري! تُرى هل هو بشارة لك بالنجاحِ في المدرسةِ وفي الحياةِ عندما تكبر؟

          مَن يدري؟!

          ضحكت أمّه قائلةً: لا يكفي المفتاح وإن كان ذهبيًا ليجلبَ النجاحَ في المدرسةِ وفي الحياةِ. قاطعها زوجُها: أنا قلت مَن يدري؟ ماذا يجلب هذا المفتاحُ. قلتُ ربّما، رّبما يجلبُ لسمير النجاحَ؟ أجابت الأمُّ: لا يحصل النجاح من دون درسٍ وجهد وإن وجد سمير مئة مفتاح ذهبي!

          قال الأبُّ: لا تنسي أن سمير اختير ليجد هذا المفتاحَ.

          الأمُّ: صحيحٌ. وكأنه هديةٌ. ممن؟ لا أعلم.

          عندها ألقت الأمُّ نظرةً على ابنِها، فرأت أن النعاسَ قد سيطر عليه ونام وعلى محياه ابتسامةٌ كأن أحلامًا سعيدةً وجميلةً ترافقه في نومِهِ.

 


 

إنجيل أورياتا