كان يا ما كان.. حكايات الألوان الحكاية الثانية: الأحمر

كان يا ما كان.. حكايات الألوان الحكاية الثانية: الأحمر
        

ترجمة وتقديم: بسمة الخطيب
تشكيل: نجاح طاهر

          في العدد السابق نقلنا لكم حكاية اللون الأزرق ومسيرته عبر العصور: كيف استخدمه الإنسان، ما معانيه وما رموزه واليوم نحكي حكاية اللون الأحمر، لنتعرف إلى جزء جديد من حكايات الألوان كما رواها أستاذ التاريخ والفن «جاك باستورو»، الذي كرّس جهوده للبحث في تاريخ الألوان  ونشر أبرز ما توصل إليه في مجلة «الإكسبرس» الفرنسية.

  • أحمر الحب والثورة والجمال

الأحمر.. الأول تاريخيًا

          كانت النظرة القديمة للألوان هي التالية: الأبيض هو اللالون، الأسود هو المتسخ، والأحمر هو اللون.

          كان اللون الأحمر أول وأفضل الألوان لدى الإنسان القديم، ونرى هذا واضحًا في رسوم ونقوش الكهوف الملونة بالأحمر، وذلك بسبب جماله وجاذبيته وأيضًا سهولة استخراج الملونات الحمراء من الطبيعة، من التربة الحمراء وجذور النباتات والمعادن.

          استمر نجاح اللون الأحمر وتزايدت محبة الناس له. ارتدى القادة التاريخيون والشخصيات الدينية الألبسة الحمراء، كان رمز النصر والعظمة والتدين أيضًا.

أحمر للملوك وأحمر للشعوب

          عرف الإنسان لونًا أحمر رفيعًا ومرموقًا وأحمر آخر وضيعًا وشعبيًا. في الإمبراطورية الرومانية خصص الأحمر المستخرج من صدفة الموريكس للإمبراطور وقادة الجيش والنبلاء، ثم صار رمز الرخاء والثقافة النخبوية، ستائر المسرح والأوبرا.. أما الفلاحون فصنعوا أحمر أقل وهجًا ومن مصادر أخرى رخيصة.

ليلى الحمراء والذئب

          عندما نذكر الأحمر نتذكر فورًا قصة «ليلى الحمراء والذئب»، وهي قصة شعبية انتشرت في القرون الوسطى، لكن لماذا ترتدي ليلى الأحمر تحديدًا؟

          هل لأنه كان من عادة الناس في العصور الوسطى أن يلبسوا أطفالهم ملابس حمراء اللون كي يستدلوا عليهم من بعيد؟

          أما باستورو فيرى أن القصة تتبنى الثلاثية الشهيرة (أحمر - أسود - أبيض) طفلة بالأحمر تحمل وعاء زبدة بيضاء للجدّة بالأسود.

ثوب الزفاف كان أحمر

          بقي الأحمر طويلاً لون ثوب الزفاف، تحديدًا لدى المزارعين، أي أغلب البشر، وذلك لأنه كان بالنسبة إليهم اللون الأجمل.

          كما جمع التناقضات فكان لون أثواب القضاة وملابس المحكومين بالإعدام، رمز الحبّ والعنف.

الأحمر والسياسة

          عام 1789 صار العلم الأحمر رمز المعارضة، رمز الثورة الفرنسية، ثم رمز فرنسا بعد الثورة، ونال العلم الأحمر لاحقًا مستقبلاً باهرًا في روسيا والصين.

الأحمر والإعلان

          تعرفون طبعًا «الشمع الأحمر»، وقد اختير الأحمر لأنه أفضل لون يلفت النظر للإعلان عن إغلاق مكان ما. إلى اليوم مازال المعلنون يحبّون اللون الأحمر، ويختارون للإعلانات والأفيشات في الشوارع وغيرها اللون الأحمر.

تراجع الأحمر

          لكن الأحمر تراجع عن الصدارة، فإذا التفتنا حولنا نجد أن الأشياء الحمراء اليوم نادرة، هل رأيتم ثلاجة حمراء؟ أو جهاز كمبيوتر أحمر؟ يبدو أنه كلما تقدم الأزرق في حياتنا تراجع الأحمر.

          باختصار يبقى الأحمر لونًا لافتًا وجذابًا لكنه ليس وقورًا وجديًا.