كثير من الناس، ولا شك أنك منهم، يستخدمون جهاز الكمبيوتر، وقديمًا كانوا يقولون إن الشخص الأمّي هو الذي لا يجيد القراءة والكتابة، والآن يقولون إنه الذي لايجيد استخدام الكمبيوتر، فهذا الجهاز أصبح جزءًا أساسيًا من حياتنا المعاصرة، وهو الاختراع الذي غيّر وجه العالم، ولكن هل تعرف من الذي اخترع هذا الجهاز العجيب؟ حتى وقت قريب كنا نعتقد أن مخترعه هو العالم الأمريكي هاورد أيكن في عام 1944، وقد ظل هذا الاعتقاد سائدًا حتى اعترف «أيكن» بنفسه أن هناك من سبقه إلى هذا الأمر بعشر سنوات على الأقل، ويقصد بذلك العالم الألماني كونراد توتسي، في عام 1935 فكر توتسي في صنع أول «جهاز حاسوب»، كان يعمل في مجال صنع الطائرات، ويقضي وقتًا طويلاً في إجراء العمليات الحسابية الطويلة التي تساعد على حفظ الطائرة في الجو، وكان هذا الأمر مملاً ومجهدًا وعرضة للخطأ، لذلك فقد فكر في اختراع آلة تقوم بهذه العمليات المعقدة بدلاً من الإنسان، وقد استولى هذا الأمر على ذهنه حتى أنه استقال من عمله، وتفرغ لصنع هذه الآلة، وبالطبع قاده ذلك إلى الإفلاس، وقد صنع على يده آلاف الصفائح المعدنية التي تمثل الذاكرة الآلية، وتمكن من صنع أول آلة للحاسوب بعد ذلك بسنتين، ثم صنع واحدة متطورة أخرى، وكان مشروعه على وشك الاكتمال لولا نشوب الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من ظروف الحرب فقد استطاع أن يصل إلى جهاز حاسوب متطور يقوم بعمل عشرين موظفًا دفعة واحدة، وظل الاختراع مخفيًا حتى انتهت الحرب، وبدأت الشركات الأوربية في الاستعانة به دون أن تدري أن هناك جهازاً آخر يتم تطويره في أمريكا، المهم أنه بعد كل هذه المعاناة، وبفضل تلاقي العقول، فقد وُلد لنا جهاز الكمبيوتر الذي اصبحنا لا نستغني عنه.