السنجاب نام ومرّت الأفعى بسلام.. د. محمد المخزنجي

السنجاب نام ومرّت الأفعى بسلام.. د. محمد المخزنجي
        

          لم تصدق عالمة سلوك الحيوان باربارا كلوكاس نفسها عندما رأت الحية تمر بجوار جحر سنجاب الصخور النائم ولا تدس رأسها في الجحر لتفترسه. فالسنجاب هو الوجبة المفضلة لهذا النوع من الأفاعي، وهي تدخل معه ـ عندما يكون مستيقظا ـ في معارك شرسة لتنال وجبة من لحمه الشهي ، فماذا حدث لتتركه وهو نائم يفلت منها، وتضيع عليها وجبة شهية سهلة من طعامها المفضل؟!

          فكرت العالمة باربارا كلوكاس وفكرت، لكنها لم تصل لحل اللغز، فقررت أن تراقب الأفعى وتراقب السنجاب لعلها تكتشف السر. قسمت فريق العمل معها إلى فريقين، أحدهما يراقب الأفعى، والآخر يراقب السنجاب. وكانت المراقبة تتم من بعيد بمناظير قوية لاتثير انتباه الحيوانات.

          لم يكتشف الفريق الأول الذي يراقب الأفعى أي شيء غريب في سلوكها المعتاد. أما الفريق الثاني الذي يراقب السنجاب ـ وكانت معه العالمة باربارا ـ فقد لاحظ شيئا مدهشا يفعله السنجاب ويُكتشف للمرة الأولى...

          لقد شاهدوا السنجاب، بعد أن استيقظ من نومه الهانئ، يتتبع الأفاعي بحذر، وعندما يرى واحدة منها تقوم ـ كعادة الأفاعي ـ بالانسلاخ من جلدها القديم يمسك أنفاسه حتى تنتهي من مهمتها. يتركها تمضي مبتعدة مزهوة بجلدها الجديد اللامع، ثم يخرج السنجاب من مكمنه ويسرع إلى الجلد القديم الذي انسلخت عنه الأفعي، يمضغه قطعة بعد قطعة، وكلما مضغ قطعة يقوم بلعق فرائه، من طرف الذيل حتى أقرب مكان يستطيع أن يصل إليه لسانه، فلا يترك مساحة صغيرة من هذا الفراء إلا ويشملها بلعابه المختلط بجلد الأفعى.

          «حيلة رائعة» هتفت العالمة بربارا وهي تراجع الفيلم الذي صوره فريقها من متابعي السنجاب، ونشرت مجلة «سلوك الحيوانات» هذا الاكتشاف الجديد الذي يكشف سر مرور الأفعى بجحر السنجاب النائم من دون ان تفتك به. فرائحة جلد الأفعي التي وزعها السنجاب على فرائه عبر لعابه، جعلت الأفعى - وهي ضعيفة النظر وتعتمد على الروائح والاهتزازات في تمييز غيرها - تظن أن هناك أفعى مثلها نائمة في الجحر ، فتتركها وتمضي في سبيلها، ونجحت حيلة السنجاب الذي استمتع بلذيذ النوم..

          وأجمل الأحلام.

 


 

محمد المخزنجي