حكاية اللون الأبيض

حكاية اللون الأبيض
        

تشكيل: نجاح طاهر

          يأمرنا اللون الأحمر في إشارة المرور بالتوقف، والأخضر يسمح لنا بالتقدم، تكتسي ملاعب كرة القدم بالأخضر، قاعات المسارح بالأحمر، وتفضل البنات الملابس الوردية بينما يفضل الفتيان الملابس الزرقاء.

          فهل تساءلتم عن السبب؟ هل فكرتم يومًا في معاني الألوان ورموزها وحكاياتها؟

  • من أين تأتي الألوان؟

          كيف اكتشفها الإنسان لأول مرة وكيف طوّرها عبر العصور؟

  • لماذا هناك لون لكل مناسبة ولكل وظيفة؟

          مجلة «العربي الصغير» تقدم لكم الأجوبة عبر سلسلة من «حكايات الألوان» تستند إلى دراسات لأستاذ التاريخ والفن «جاك باستورو»، الذي كرّس جهوده للبحث في تاريخ الألوان، ونشر أبرز ما توصل إليه في مجلة «الإكسبرس» الفرنسية.

          بعد حكايتي اللونين الأزرق والأحمر، اليوم نحكي حكاية اللون الأبيض.

أبيض البراءة والنظافة

          يخبرنا التاريخ أن الأبيض من أقدم الألوان، وأن الإنسان اعتبره رمزًا للحياة والطفولة والبراءة.

          لكن لم يكن الإنسان مسرورًا من الأبيض، بل طالبه دومًا بالمزيد ومن هنا تفسير العبارة الشائعة: «نريد أبيض أكثر بياضًا من البياض».

  • هل الأبيض لون؟

          حديثًا بدأ هذا السؤال يطرح «هل الأبيض لون»؟

          بالنسبة إلى أجدادنا كان لونًا حقيقيًا، بل أحد الألوان الرئيسية الثلاثة، استخرجه الإنسان من الكلس الطبيعي ورسم به على جدران الكهوف في العصور الوسطى، اعتبره الإنسان الدرجة «صفر» في تدرجات الألوان، ومع اختراع الطباعة اعتبره غيابا للون.

          ثم أنكر عدد من العلماء اعتبار الأبيض لونا، لكن بعد نقاشات بين الفيزيائيين المعاصرين تم التوصل إلى أن الأبيض لون بذاته.

  • في اللغة اليومية

          يرتبط الأبيض بالغياب والنقص. فقولنا «صفحة بيضاء» يعني صفحة من دون نص، ولهجة بيضاء أي ليست لها جنسية محددة و«ليلة بيضاء» أي ليلة نقضيها من دون نوم، أما شيك على بياض فهو من دون رقم محدد.

  • الثلج والسلام

          الثلج ببياضه الرائع جعل الإنسان يربط بين الأبيض ومعاني النقاء والنظافة والبراءة.

          ومنذ حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا في القرن 14 رفع علم أبيض في وجه الدماء الحمراء لطلب وقف القتال، وصار رمزًا لوقف العنف.

  • النظافة والطهارة

          لمدة طويلة بقي الأبيض ضامنًا للنظافة.

          لدواع صحية خصص للأقمشة التي تلمس الجسد مباشرة، مثل أغطية الأسرة والملابس الداخلية.

          نهاية القرن 18 صار الأبيض لون ثوب الزفاف ورمز طهارة العروس.

  • من الطفولة إلى الشيخوخة

          جمع الأبيض الأقطاب. الطفل بالأبيض والعجوز أيضا. أقمشة المهد بيضاء والكفن أبيض، وكأن دورة الحياة تبدأ وتنتهي به. في بعض المناطق الإفريقية والآسيوية الأبيض لون الحداد.

  • البشرة البيضاء

          لعبت الألوان دورًا في الصراع بين طبقات المجتمع وبين أجناس البشر، أدى عمل المزارعين في الشمس إلى أن تكون بشرتهم داكنة، أما النبلاء فأرادوا التميز عنهم بلون بشرتهم البيضاء وسعوا إلى حمّامات الشمس والبرونزاج.

 


 

ترجمة وتقديم: بسمة الخطيب