المكتبات العامة في الإسلام.. إعداد: فريد أبو سعدة
المكتبات العامة في الإسلام.. إعداد: فريد أبو سعدة
اقتبس العرب صناعة الورق من الصين، وكانت لحظة فارقة في تاريخهم الثقافي والحضاري، فقد انطلقوا يقيمون مصانع الورق في الشام ومصر وشمال افريقيا، بل عبروا مضيق جبل طارق إلى الأندلس حيث أقاموا هناك أول مصنع للورق في القرن الثاني عشر. لقد شاعت المكتبات العامة في أيام بني العباس، وكان الخلفاء والأمراء يتنافسون في إقامتها، وتزويدها بكل ما تنتجه قرائح العلماء في مختلف فروع المعرفة. كانت مكتبة «العزيز بالله الفاطمي» بالقاهرة تضم160000 مجلد مفهرس ومنظم. وضمت «دارالحكمة» في القاهرة 100000 مجلد منها ستة آلاف مخطوط في الرياضيات والفلك. وضمت «دارالكتب» في قرطبة 400000 مجلد تقع فهارسها في أربع وأربعين كراسة. كان كل جامع تلحق به مكتبة كبيرة يؤمها الناس، واتخذ العلماء والطلاب من هذه المكتبات ملتقى يجتمعون فيه ويتناقشون في مختلف العلوم، حتى لقد أصبح «الجامع الأزهر» بالقاهرة و«الجامع المنصور» في بغداد و«الجامع الأموي» بدمشق و«الجامع الكبير» بصنعاء و«جامع القيروان» بتونس و«جامع القرويين» بالمغرب و«جامع قرطبة» بالأندلس بمنزلة جامعات يحجُّ إليها طلاب العلم من المسلمين وغير المسلمين. ومما يلفت النظر إلى عظمة الحضارة الإسلامية الأعداد الهائلة من الأبحاث والرسائل والكتب، التي ألفها علماء العرب والمسلمين. يكفي أن تعرف يا عزيزي أن «ابن سينا» ترك مؤلفات تزيد على الـ 200 في علوم متنوعة. وألف «جابر بن حيان» ما يزيد على الـ 80 كتابًا. وبلغت كتب «الحسن بن الهيثم» الـ 200 معظمها في العلوم الفلسفية والرياضية والفزيائية، فضلا عن كتاب في الطب يقع في ثلاثين جزءًا! من أهم العوامل التي ساعدت على ظهور النهضة الأوربية، وانتشارها في جميع أنحاء أوربا اتصال الأوربيين بمراكز الحضارة العربية الإسلامية، سواء أثناء الحروب الصليبية، التي استمرت مدة قرنين من الزمن، أو أيام حكم العرب للأندلس، الذي ساد ما يقرب من ثمانية قرون، أو عن طريق صقلية التي خضعت لحكم العرب ما بين منتصف القرن التاسع وأواخرالقرن الحادي عشر. اعتذار عن الوزارة! كان الصاحب بن عباد يمتلك مكتبة ضخمة، فلما استدعاه السلطان لكي يتولى الوزارة اعتذر بأن عنده من كتب العلم ما يُحمل على 400 جمل أو أكثر وأن فهارس كتبه وحدها تقع في عشرة مجلدات! بكم تبيع هذين البيتين؟ قال الشاعر «مروان بن أبي حفصة»: «خرجتُ إلى«مـَعـْنَ بن زائدة» لأمدحه بقصيدة، فلقيت أعرابيـًا في الطريق، سألته: إلى أين؟ قال: إلى هذا الملك الشيباني (يعني ابن زائدة). قلت: فما الذي ستهدي إليه؟ قال: بيتين من الشعر؟ قلت: فقط؟! قال: نعم فقد جمعتُ فيهما كل ما يسرّه. قلت: أسمعني. فأنشدني: معنُ بن زائدةَ الذي زيدتْ به كنتُ قد نظمت قصيدتي على هذا الوزن. فقلت للأعرابي: تأتي أميرا كثـُر الشعراء على بابه ببيتين اثنين! قال: فما الرأي؟ قلت: تأخذ منـّي ما أردت بهذين البيتين من مال وتعود? ولم أزل أرفـُق به حتى مائة وعشرين درهمـاً. فأخذها وانصرف. ودخلت على «معن بن زائدة»، فأنشدته قصيدتي بعد أن جعلت البيتين في وسط الشعر. فلما بلغتُ البيتين وسمعهما، خرّ عن فـَرْشـِه ولصق بالأرض. ثم نهض وقال: أعد البيتين. فأعدتهما. فنادى: يا غلام، ائتني بكيس فيه ألف دينار وصُبـّها على رأسه، وأعطه دابة وبغلاً وعشرين ثوبًا.
|