رسامة كتب الأطفال ريبيكا دوترمار Rébecca Dautremer

رسامة كتب الأطفال ريبيكا دوترمار Rébecca Dautremer
        

          هو عالم من الأحلام والخيال، عالم من السحر والألوان، جميل، ممتع ومفيد، تأخذك اليه كتب الأطفال التي تجدها بكثرة في المكتبات الفرنسية، متنوعة بمعلوماتها، وبرسومها، إنها أشبه بمعارض فنية طبعت لوحاتها على اوراقِ كتبٍ فاخرة، يتبارز الرسامون من خلالها لعرض رسومهم الخلابة، ومن بينهم ريبيكا دوترمار.

          ولدت في مدينة «غاب» الفرنسية العام 1971، وبعد أن أنهت دراستها في المدرسة العليا للفنون التزيينية في باريس، كان من المتوقع ان تتجه للعمل في مجال الإعلان والتصوير، ولكن الحظ حالفها حينما أرسلها أحد أساتذتها لمقابلة المخرج الفني لدار النشر الفرنسية Gauthier Languereau، وهناك كانت البداية، حيث أثمرت هذه التجربة اكتشاف موهبة ريبيكا دوترمار، لتعلن ولادة فنانة مميزة في رسم كتب الأطفال. الغريب في الأمر أنني حينما تحدثت معها عن هذا الموضوع، خلال لقائي بها في محترفها الخاص في باريس، أخبرتني أنها كانت تحب كثيراً أن ترسم ولكنها لم تكن تسعى إلى العمل رسامة للأطفال، لأنها كانت تتصور أن العمل في هذا المجال صعب. ولكن شاءت الأقدار ان تدخله وتحقق به نجاحاً لافتاً، وحتماً لم تكن الصدفة سبباً في هذا النجاح، بل أسباب أخرى أهمها أن أسلوب الفنانة في مخاطبة الأطفال من خلال رسومها المميزة، فهي تقدم للطفل عملا مدروسا بتأن، حيث تقوم بدراسة كل رسمة على حدة، فتبدأً بتخطيط بسيط ترسم به فكرتها على الورق.

          تعشق الفنانة المشهد السينمائي رغم بعدها عن العمل به، فاللقطة التصويرية أو السينمائية تكاد تكون موجودة في أغلب رسومها.

          تجيبني ريبيكا بأنها ليست على علاقة جيدة مع الحاسوب في مجال الرسم، وأنها تستخدمه فقط لمعالجة اخطاء بسيطة قامت بها خلال التلوين، وتفضل أن تستخدم ألوان الغواش لتلوين رسوماتها، حيث تؤكد أنها اكتشقت بنفسها جمالية وطواعية هذه الألوان ومتعة التعامل بها، واكتسبتها مع الوقت من خبرتها الخاصة، وهي لا تقف فقط عند التلوين، بل تستعمل احياناً أدوات حادة تمررها على الرسم لتضيف خطوطًا خفيفة وتفاصيل صغيرة، أو ربما تمزق بعض الأوراق وتستخدم عدة مواد لتنفيذ بعض الرسوم، وهذا ما نسميه بتقنية الميكس ميديا Mixmedia، التي تسمح باستخدام وخلط العديد من المواد والخامات لإنتاج العمل الفني.

          بالرغم من أنها أم لثلاثة أطفال، لكنها تحتفظ بطفلة داخلها، فهي لا تنسى ذكريات طفولتها، حينما كانت صغيرة وكان هناك ولدٌ صغير يزعجها دائماً ويضربها، وكلما كانت تشتكي لأمها منه، كانت تقول لها «إنه طيب ويحبك ولكن يعبر بهذه الطريقة»، طبعاً تستذكر هذا الأمر وهي تضحك، خاصة أن هذه الذكرى ساعدتها في كتابة قصة «عشاق»، وهي قصة قصيرة، بسيطة وبريئة، تتحدث عن مفهوم الحب عند الأطفال، لاقت نجاحا لافتا على مستوى مبيعات الكتب في فرنسا، وهنا تصر الفنانة بالرغم من هذا النجاح، على أنها لا تطمح أن تصبح كاتبة، وأن الرسم عندها يأتي في الدرجة الأولى، ويلاحظ بالفعل ان الكتابة تأخذ مكاناً صغيراً في لوحتها، وقد تصبح جزءاً من الرسم أو قطعة مفصلة منه، خاصة أن ريبيكا تعتني بتفاصيل كثيرة في رسمتها، تقترب بها الى المنمنمات والزخارف العربية، فتعترف أنها تحب كثيرا ان تبسط الرسم، ولكن كلما حاولت أن تقوم بذلك، تدفعها عادتها لإضافة لمسة هنا ولمسة هناك، لتنتهي اللوحة ممتلئة بالتفاصيل الدقيقة، وهذا ما يعطيها شخصيتها الخاصة وجماليتها الأخاذة.

 


 

إعداد وتصوير : بلال بصل   

 










الفنانة ريبيكا دوترمار.. أحد رسوم الفنانة نفذت بألوان الغواش