الثعلب المكار

الثعلب المكار

رسم: ريما كوسا

خرج الثعلب المكار من جحره باحثا عن صيد يسد جوعه، ولما كان الحظ السيئ ملازما له لم يفلح في اقتناص دجاجة أو أرنب، ومع ذلك ظلت عيناه الماكرتان تترصدان الحركة في السكون الذي يحيط به، استنفر الثعلب لبدء الهجوم ولعابه يكاد يسيل من فمه، لكنه توقف للحظة حين لمح السلحفاة تسير بخطواتها الهادئة، فهتف: صباح الخير أيتها السلحفاة، إلى أين تمضين في هذا الوقت؟

ردت السلحفاة بمرح: إلى البحيرة للسباحة.

وبسخرية علق الثعلب: ومتى تظنين أنك ستصلين إليها بهذه الخطوات البطيئة؟!!

ردت السلحفاة بسخرية هي أيضا: دائما أصلها إلا إذا أحببت أن تحملني إليها توفيرا للوقت!

ضج الثعلب بالضحك حتى استلقى على ظهره ورد: أحملك! مع هذا البيت الثقيل على ظهرك!! سأصبح أنا سلحفاة أيضا، ولن أقطع خطوة واحدة قبل مضي ساعات!

اكتفت السلحفاة بالابتسامة وهي ترى تقلبات الثعلب المضحكة على الأرض وهو يتابع تعليقاته الساخرة مقهقها : العصفور عندما يطير لا يحمل عشه معه وإلا تخيلي منظر السماء.. ها ها ها، الحصان عندما يعدو لا يحمل اسطبله على ظهره وإلا تخيلي مضمار السباق.. وا ها ها ها، أوه يا إلهي أتخيل القرد يحمل الشجرة على أذنيه.. هي هي هي ها ها...

علقت السلحفاة مؤيدة الثعلب: حتى الإنسان لا يحمل بيته على رأسه عندما يغادره لأي مكان وإلا تخيل منظر الطرقات!

كاد الثعلب أن ينفجر من شدة الضحك حين قرر أن يتوقف أخيرا ويعرض على السلحفاة اقتراحا من صديق لصديقة : أرى أن تتخلصي من هذا الثقل الذي تحملينه على ظهرك وتسيري حرة، سريعة، خفيفة منه...

وأين يمكن أن أبقي بيتي؟ سألت السلحفاة..

اقترب الثعلب لاعقا شفتيه اللتين سال اللعاب عليهما: يمكن أن تنزعيه و تبقيه قرب جحري فنصبح جارين!

نظرت السلحفاة حولها وسألت الثعلب: وأين يقع جحرك؟

أشار الثعلب نحو التلال البعيدة: خلف تلك التلال...

قالت السلحفاة وهي تسحب أطرافها ورأسها قليلا قليلا إلى داخل بيتها: أرى في الجو بوادر عاصفة، أسرع نحو جحرك أيها الثعلب، أما أنا فلن أنزع عن ظهري بيتي أبدا!

 


 

لطيفة بطي