أطفال رمضان: حلوا الكيس واعطونا

أطفال رمضان: حلوا الكيس واعطونا

رسوم: حلمي التوني - محمد عبدالله

لكل مدينة عربية وإسلامية حكاية مع شهر رمضان المبارك، فمظاهر الاحتفال بقدوم هذا الشهر الكريم الذي ليس له مثيل طوال العام، تختلف من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، فمظاهر الاحتفال بشهر رمضان في القاهرة مثلا قد تختلف عن مثيلاتها في مكة المكرمة أو تونس أو الكويت أو القدس أو دمشق.

وأيضا مظاهر الاحتفال هذه قد تختلف الآن عنها منذ خمسين سنة في المدينة الواحدة.

أهلا رمضان...

هناك مظاهر عامة يجتمع حولها المسلمون في كل البلدان والأزمان، مثل الاحتفال برؤية هلال رمضان، وعلى الرغم من وجود الحساب الفلكي حاليا الذي من الممكن عن طريقه تحديد أول أيام رمضان قبل قدوم الشهر الكريم بشهور عدة، إلا أن رؤية هلال رمضان بالنظر في السماء وإبلاغ السلطات المختصة، وتحديد وجود الهلال في السماء لاحتساب بداية أيام الشهر الكريم، أو عدم وجوده فيكون اليوم التالي هو المتمم لشهر شعبان، أمر لايزال متبعا في معظم العواصم الإسلامية الكبرى.

أهلا بالعيد..

وكذا الحال مع رؤية هلال عيد الفطر المبارك، في يوم 29 من الشهر الكريم، فإذا ثبت دخول هلال شهر شوال، يكون اليوم التالي هو أول أيام العيد، وإذا لم يثبت دخول هلال شهر شوال، يكون اليوم التالي (يوم 30) وهو المتمم لشهر رمضان المبارك.

فانوس رمضان والقرقيعان

ومن مظاهر رمضان في البلاد والمدن الإسلامية وجود فانوس رمضان الذي يمسك به الأولاد فرحين بقدوم الشهر الفضيل، وبعض العائلات تعلق فانوساً كبيراً على مدخل المنزل، أو في الشرفة، وبعض الأولاد يمسكون بالفانوس ويدورون به على بقية أصحابهم في الحي، ويتجمعون معا منشدين بعض الأناشيد أو الأغاني الرمضانية اللطيفة، ففي الكويت تنشد البنات مثلا أهزوجة القرقيعان الفلكلورية التي تقول:

قرقيعان وقرقيعان
بيت قصير برميضان
عادت عليكم صيام
كل سنة وكل عام
يا الله، سلم ولدهم
يا الله، خله لأمه
عسى البقعة ما تخمه
ولا توازى على أمه
عطونا الله يعطيكم
بيت مكة يوديكم
يا المكة يا المعمورة
يا أم السلاسل والذهب والنورة

وسنحاول على هذه الصفحات أن نزور رمضان في بعض المدن العربية لنرى ونتعرف على بعض الطقوس التي يمارسها أهلها ابتهاجا بقدوم هذا الزائر العزيز على قلوبنا ونفوسنا وأرواحنا جميعا.

رمضان في القاهرة

ففي العاصمة المصرية القاهرة، تعلق الزينات الملونة والأعلام والشراشيب وصور الكعبة أو مجسمات صغيرة لها على البيوت وفي الشوارع، ابتداء من نصف شهر شعبان، ويقوم بذلك الصبية والأطفال وخاصة في الأحياء الشعبية، حيث يتجمعون بعضهم مع بعض ويطوفون على الأهالي وأصحاب المحلات في الشارع أو الحي للمشاركة في تكاليف الزينات الرمضانية، ثم يشترون الأوراق الملونة والخيوط المتينة أو الحبال، ويصعدون إلى الأدوار الأولى في المنازل على اليمين واليسار، ويوصلون الحبال المعلقة بها الزينة مكونين صفوفا جميلة منتظمة تُسر لها العين، وينشرح لها القلب، معلنين بذلك عن اقتراب الشهر الفضيل.

رمضان في مكة المكرمة

وفي مكة المكرمة يكون الجلوس في ساحة الحرم المكي الشريف أو ساحة المسجد الحرام والنظر إلى الكعبة المشرفة مع تلاوة سور أو آيات من القرآن الكريم من أفضل ما يشعر به الإنسان الزائر لبيت الله الحرام، إنه شعور روحاني رائع لا يوصف في بيت الله الحرام.

وقبل انطلاق آذان المغرب بقليل يأتي بعض الأولاد بأثوابهم البيضاء الزاهية، ويقومون ببسط المفارش البلاستيكية على الأرض، يتبعهم مجموعة أخرى من الأولاد يضعون على تلك المفارش حبات من التمور وعلب الحليب الكرتونية وأكوابا بلاستيكية بها ماء زمزم، أمام كل صائم موجود داخل الحرم المكي.

وبعد أن يُرفع آذان المغرب الرمضاني بصوت إمام المسجد الحرام في مكة المكرمة، يبدأ الصائمون في ساحة الحرم المكي في تناول تلك الوجبة الرمضانية الصغيرة ذات العناصر الغذائية الغنية، ثم يقومون لصلاة المغرب، وبعضهم ينصرف بعد الصلاة لتناول وجبة الإفطار الرمضانية الدسمة، وأكثرهم ينتظر حتى بعد صلاة العشاء والتراويح، ثم يتناول فطوره الرمضاني.

رمضان في القدس الشريف

تمثل القدس في نفوس العرب والمسلمين عامة والشعب الفلسطيني خاصة منزلة عظيمة وقداسة تاريخية عريقة.

وأهل القدس يحرصون على الاستعداد لاستقبال الشهر المبارك من ليلة النصف من شهر شعبان, وفي ليلة الرؤية, يجتمع مفتي القدس والقضاة والعلماء بالمسجد الأقصى, فإذا ثبتت رؤية الهلال, ينطلق مدفع رمضان, وتتألق المآذن بالأنوار, وتوقد القناديل في الأسواق وفي حارات وشوارع القدس العتيقة, وتتجسد البهجة على الوجوه, وتتوافد جموع المصلين إلى ساحة الحرم المقدسي الشريف.

وكان أطفال القدس, عقب صلاة العشاء يطوفون حاملين فوانيسهم في مواكب من الفرحة الملونة, منشدين أغانيهم التراثية والتي من أشهرها «الحواية» فيقولون:

يوحيا.. يوحيا..
حلو الكيس وأعطونا..
أعطونا حلوانا..
صحنين بقلاوة..

ثم يجتمعون بعد طوافهم ليقتسموا ـ فيما بينهم ـ النقود والحلوى التي يجود بها أهالي الحي عليهم.

وعقب الانتهاء من صلاة التراويح, كان البعض يتوجه إلى حلقات الذكر, ويتوجه البعض الآخر لقضاء (السهرة الرمضانية) عند الأهل أو الأصدقاء, بينما يتوجه أكثرهم إلى المقاهي للاستماع إلى (الحكواتي)!

المسلسلات التلفزيونية تحل محل شهرزاد

وقد حلت المسلسلات التلفزيونية والبرامج على القنوات الأرضية والفضائية حاليا محل الحكواتي في معظم البلاد العربية. وكأن هذه المسلسلات والبرامج أصبحت هي شهرزاد ألف ليلة وليلة التي كنا نستمع إليها في ليالي رمضان الجميلة عبر محطات الإذاعة قديما.

 


 

إعداد: أحمد فضل شبلول