هاشم بن عبد مناف ورحلة الشتاء والصيف.. إعداد: فريد أبوسعدة

هاشم بن عبد مناف ورحلة الشتاء والصيف.. إعداد: فريد أبوسعدة

ينتسب إليه الهاشميون. وهو أول من سن الرحلتين لقريش، رحلتي الشتاء والصيف، وأول من أطعم الثريد بمكة. كان اسمه عمرو وتسميته هاشم كانت لهشمه الخبز لعمل الثريد لفقراء مكة فى عام القحط.

كان غنياً، يعمل بالتجارة، وكان يتولى أمور السقاية والرفادة (توفير الماء والطعام للحجاج).

توفي بغزة وقبره معروف هناك باسم «مسجد السيد هاشم».

قال ابن عباس: إن قريشاً كانوا إذا أصابت المجاعة أحداً منهم جرى هو وعياله إلى موضع معروف خارج مكة، فضربواعلى أنفسهم خباء وبقوا فيه حتى يموتوا جوعا، وكان ذلك يسمى «الاعتفار»، حتى جاء إلى أسد بن عَمْرو بن عبد مناف، صديق من سنه يحبه ويلعب معه، فقال له: نحن غداً «نعتفر»، فدخل أسد على أمه يبكي وذكر ما قال صديقه، فأرسلت أم أسد إلى أولئك بشحم ودقيق فعاشوا به أياماً، ثمّ إن صديقه أتاه أيضاً فقال له: نحن غداً نعتفر فدخل أسد على أبيه يبكي وأخبره، فقام خطيباً في قريش وكانوا يطيعون أمره فقال: إنّكم أحدثتم حَدَثاً تقِلُّون فيه وتكثرالعرب، وتذِلّون وتعِزّ العرب وأنتم أهل حرم الله (الكعبة المشرفة) وأشرف ولد آدم ويكاد هذا (الاعتفار) يأتي عليكم فقالوا له: نحن لك تبع (نتبعك)، قال: ابتدئوا بهذا الرجل فأغنوه عن الاعتفار ففعلوا.

رحلة الشتاء والصيف

كان هاشم أول من سَنَّ الرحلتين لقريش، ترحل إحداهما في الشتاء إلى اليمن وإلى الحبشة إلى النجاشي فيكرمه، ورحلة في الصيف إلى الشام إلى غزة وربّما بلغ أنقرة، فيدخل على قيصر فيكرمه، وإيلاف قريش للرحلتين (أي العهود) التى كانت بينهم وبين ملوك العجم.

انصرف هاشم، فصار كلما مرَّ بحي من العرب أخذ من أشرافهم الإيلاف (أي كتاب الأمان) ثم جمع هاشم الناس على رحلتين كل عام، فما ربحه الغني قسَّمه بينه وبين الفقير من عشيرته، حتى صار فقيرهم كغنيهم.

معنى هاشم

أصابت قريشاً سنوات قحط ومجاعة، فخرج عمرو بن عبد مناف إلى الشام، فأمر بخبزٍ كثير فخُبزَ له فحمله في الغرائر (أوعية الطعام) على الإبل حتى وصل مكة، فهشم ذلك الخبز (يعني كسره وثرده) ونحر تلك الإبل، ثم أمر الطهاة فطبخوا، ثم كفأ القدورأمام أهل مكة فأكلوا حتى شبعوا، فسمي بذلك: هاشماً، وقال عبدالله بن الزبعري في ذلك:

عمرو الذي هَشَمَ الثريدَ لقومِهِ
ورجالُ مكةَ مُسنِتون عجافُ

وكان إذا حضر الحج خطب فقال: يا معشر قريش إنّكم جيران الله وأهل بيته وإنّه يأتيكم في هذا الموسم زُوّار الله يعظِّمون بيته فهم ضيوف الله فأكرموا ضيوفه وزُوّاره فاقروهم (أطعموهم) واسقوهم، فكانت قريش ترافَدُ (أي تتعاون) على ذلك.

كان الأغنياء من قريش يترافدون، وكان كل إنسان يرسل مائة مثقال هرقلية (نسبة إلى هرقل ملك الروم)، وكان هاشم يأمر بحياض من أُدُم (أحواض تصنع من الجلد) توضع في موضع زمزم ويجلب إليها الماء من الآبار ليشرب منها الحاج، وكان يطعمهم قبل التروية بمكة وبمنى وعَرَفة، ويثرد لهم الخبز واللحم والسمن، ويجعل لهم الماء بمنى في أحواض الأدم إلى أن يصدُروا (أي ينصرفوا) فتنقطع الضيافة ويتفرق الناس لبلادهم.

 


 

فريد أبوسعدة